لم يظهر الفرق بين السيرة في المقام والسيرة المدعاة سابقا على الملك من أول الأمر التي استشكل في حجيتها بأنها ناشئة عن عدم المبالاة في الدين، ثم إن العبارة لا تخلو من مساهلة فإن ظاهر قوله: فإن ثبت باجماع أو غيره، أنه إذا ثبت كون التلف مملكا للجانبين بالاجماع أو السيرة، وعليه فلا معنى لقوله بعد ذلك: لأن هذا هو.. الخ إذ بعد قيام الاجماع على كون التلف مملكا للجانبين لا حاجة إلى ضم دليل آخر إليه لاثباته فالمراد الاجماع على عدم الضمان بالمثل والقيمة كما سيصرح به (قوله: رعاية لعموم على اليد) يعني لئلا يلزم تخصيصه لكن عرفت عدم الدليل على حجية أصالة عدم التخصيص لنفي موضوع العام إذ لم يثبت بناء العقلاء على حجية العام في عكس نقيضه وإن نسب إلى الأصحاب في تقريرات درس الأستاذ " ره " تبعا لما في تقريرات درس المصنف (ره) في تنبيهات الشبهة المصداقية حيث نسبه إلى استدلالاتهم الفقهية جازما به، فإن استدلالهم به في بعض الموارد ينافيه ترك استدلالهم به في مواضع كثيرة فراجع، مع أن في شمول العموم المذكور لليد في المعاطاة بناء على إباحة جميع التصرفات حتى الاتلاف تأملا ظاهرا، (قوله: أن لكل منهما المطالبة) أما الأخذ فلأنه على القول بالإباحة له السلطنة على جميع التصرفات والمطالبة به من شؤون تلك السلطنة إذ الغصب تضييق لدائرتها وأما المعطي فلأنه مالك، نعم إذا كانت مطالبته رجوعا عن مقتضى المعاطاة امتنع ذلك منه إلا مع بذل ما في يده أيضا (قوله: نعم لو قام إجماع) الظاهر أن أصل العبارة هكذا: (نعم لو قام إجماع فهو وإلا.. الخ) يعني أن إطلاقهم كون التلف من مال المباح له يشمل صورة التلف بيد الغاصب فإن تم إجماع عليه فهو وإلا كان مقتضى القاعدة كون التلف من ملك المالك للأصل إذ الالتزام سابقا يكون التلف من ملك المباح له كان عملا بمقتضى الجمع بين الأدلة حسبما تقدم وليس كذلك هنا إذ لا مانع من العمل بعموم: " على اليد " بالنسبة إلى يد الغاصب المقتضي للضمان بالمثل أو القيمة، هذا إذا لم يتلف العوض الآخر قبل ذلك في يد المباح له وإلا كان تلفه موجبا للتملك من الجانبين حين التلف على ما سبق
(٤٠)