تقدمت المناقشة في حجيتها لامكان كونها ناشئة عن عدم المبالاة لكن هذا المعنى خلاف ظاهر التركيب (قوله: لا يتوقفان على الملك) لاتفاق النص والفتوى على تحقق الاستطاعة بالبذل بدون الملك وكذا الغنى فإن الظاهر صدقه عرفا بوجدان ما يحتاج إليه في سنته وإن لم يكن مملوكا له، وما اشتهر في ألسنة الفقهاء من تحديد الفقير بمن لا يملك قوت سنته، يراد به من لا يجد ذلك ولو بنحو الإباحة وإن كان لا يخلو من تأمل تعرضنا لوجهه في شرح الزكاة من كتابنا (مستمسك العروة الوثقى) ثم إن ظاهر اقتصار المصنف (ره) على الاستطاعة والغنى الاعتراف بتوقف البقية على الملك وقد يستشكل في توقف تعلق حق الديان على الملك، بأن المباح له وإن لم يكن مالكا للعين إلا أنه لكونه مالكا لأن يملك باسترداد العوض أو بالتصرف فيها عنده فللغريم إلزامه بأحدهما، وفيه أن المعاطاة عند القائلين بالإباحة لا توجب ملك (أن يملك) وإنما له السلطنة على ذلك التي هي من الأحكام لا من الحقوق كما عرفت، ولذا لا يكون له إسقاط ذلك. نعم لو كان المراد من الاشكال تعلق وجوب الوفاء أمكن منع توقفه على الملك بناء على ما هو الظاهر من جواز التبرع في الوفاء عن الغير كما لعله الظاهر من عبارة الاشكال، وأما النفقات فإن كان المراد حق الانفاق فالظاهر أنه لا موضوع له إذ لم يعهد في الشرع حق الانفاق، وإن كان المراد وجوب الانفاق فتوقفه على الملك غير ظاهر، بل هو خلاف إطلاق الأدلة، وأما توقف تعلق حق المقاسمة على الملك فلعله لعدم الاطلاق الذي يرجع إليه في ثبوت الحق مع عدم الملك والأصل عدمه، لكن القسمة أيضا من التصرفات فمقتضى عموم الإباحة لها جواز المطالبة بها كغيرها من التصرفات الموقوفة على الملك، وأما حق الأخذ بالشفعة فمقتضى اختصاص أدلته بالبيع عدم ثبوته بناء على الإباحة لعدم كون المعاطاة بيعا على هذا المبنى، ولو أريد من تعلق حق الشفعة أن المباح له بالمعاطاة له الأخذ بالشفعة لو باع شريكه المالك للشخص فالحكم أظهر لاختصاص الحق المذكور بالشريك وهو لا ينطبق على المباح له، وأما المواريث فلاختصاصها بالملك والحق وهما منتفيان بناء على الإباحة، وأما الربا فهو إما مختص بالبيع أو
(٣٨)