وإن كان غيره فيه المصلحة الأكيدة، ومن ملاحظة اللوازم المذكورة تعرف أن المعاني المذكورة كلها خلاف الظاهر فالمتعين حمله على التفضيل المجازي أعني ما يترجح على غيره في نظر العقلاء سواء أكان لأن مصلحته أأكد من مصلحة غيره أم لأن فيه مصلحة وغيره لا مصلحة فيه أو فيه المفسدة (هذا) ولكن الذي يظهر من حسنة الكاهلي المتقدمة جواز التصرف مع عدم المفسدة لأن الظاهر من قوله (ع): إن كان في دخولكم... الخ تحقق المنفعة لهم بالدخول المساوية لما يؤكل من طعامهم لا مطلق المنفعة ولو لم تكن موازية، ضرورة بطلان ذلك فيكون مفهومه إذا لم يكن في دخولكم منفعة موازية إما لعدم المنفعة أصلا أو لعدم كونها موازية فذلك ضرر عليهم لا يجوز، فالشرطية الثانية عين مفهوم الشرطية الأولى. نعم لو أريد صرف طبيعة المنفعة ولو قليلة كان المفهوم إذا لم يكن منفعة أصلا سواء أكان ضرر أم لم يكن فلا يجوز وحينئذ يكون للمفهوم فردان أحدهما مصرح به في الشرطية الثانية والآخر غير مصرح به، ويتحقق التعارض بين الشرطيتين فيما إذا لم يكن منفعة ولا ضرر فيحتاج حينئذ إلى الجمع بينهما بحمل الثانية على الأولى ولكن المراد ليس كذلك لما عرفت ولأن مجرد عدم الضرر بالدخول غير كاف ما لم يتدارك ضرر استيفاء المال كما لا يخفى، فالمتعين حمل الكلام على ما ذكرنا لئلا يلزم المحذور في منطوق الأولى ومفهوم الثانية فلاحظ، وأوضح منه خبر علي بن المغيرة قلت لأبي عبد الله (ع): إن لي ابنة أخ يتيمة فربما أهدي لها الشئ فآكله منها ثم أطعمها بعد ذلك الشئ من مالي فأقول: يا رب هذا بذا فقال: لا بأس، وصحيح منصور عن أبي عبد الله (ع) في رجل ولي مال يتيم فقال: إن علي بن الحسين (ع) قد كان يستقرض من مال أيتام كانوا في حجره فلا بأس، ونحوه خبر البزنطي، ويستفاد أيضا من الروايات الواردة في تفسير قوله تعالى:
(وإن تخالطوهم فإخوانكم في الدين) فلاحظ. نعم لو دار الأمر بين تصرفين أحدهما أحسن من الآخر مثل أن يخاف عليه من التلف فيتعين بيعه ويدور الأمر بين بيعه بدينار وبيعه بدينارين لاختلاف المواضع أو الدلالين أو نحو ذلك فالنصوص