أضافه إلى ذمة معينة فإن كانت ذمته صح العقد له، وإن كانت ذمة غيره من دون إذنه كان فضوليا وتوقفت صحته على الإجارة كما لو عقد على عين غيره، وحينئذ لو عقد لنفسه على ما في ذمة غيره كما لو قال: اشتريت هذا لنفسي بدرهم في ذمة زيد، أو عقد لغيره على ما في ذمة نفسه كما لو قال: اشتريت؟ هذا لزيد بدرهم في ذمتي، امتنع القصد إلى المعاوضة مع قصد نفسه في الأول وقصد غيره في الثاني لما عرفت من تنافي القصدين بتنافي موضوعيهما فإن ثبت قصد المعاوضة انتفى قصد نفسه في الأول وقصد غيره في الثاني، وإن ثبت قصد ذلك انتفى قصد المعاوضة ولا مرجح لأحد القصدين بعينه كي ينتفي الآخر. هذا في مقام الثبوت أما في مقام الاثبات فلا يبعد أن تكون اللام في (لنفسي) و (لغيري) للملك على نحو ما تقدم في بيع الغاصب لنفسه ويحتمل أن تكون لغير الملك بل للتعليل أو نحو ذلك كما تقول: اشتريت اللجام للفرس. فيكون التصرف في قوله: لنفسي ولغيري ويحتمل أن لا يكون المقصود المعاوضة بين المالين من الطرفين بل المقصود عوضية العوض - أعني مدخول باء العوض عن المعوض عنه لا غير - وحينئذ تكون المعاملة معاوضة في الجملة، ولا يبعد البناء على صحتها لعموم وجوب الوفاء بالعقود وإن لم تكن بيعا، وعلى هذا يكون التصرف بقوله: اشتريت، لعدم قصد الشراء حقيقة لكنه بعيد، وأقرب منه احتمال أن يكون المراد من قوله: في ذمتي، في المثال الثاني التعهد بوفاء الدرهم إما بتحصيله من المالك أو بالدفع عنه تبرعا، وعلى الاحتمال الأول يكون المثال الأول من الفضولي إن أجاز زيد لزمه الثمن، وإن رد بطل العقد، والمثال الثاني يكون من غير الفضولي فيصح للعاقد سواء رد الغير أم أجاز، وعلى الاحتمال الثاني يكون العقد في المثالين من الفضولي لكنه ليس بيعا لعدم كونه معاوضة من الطرفين، وكذا المثال الثاني على الاحتمال الأخير، لكن قال في محكي التذكرة - فيما لو اشترى الفضولي -: وإن كان في الذمة لغيره وأطلق اللفظ قال علماؤنا: يقف على الإجازة فإن أجازه صح ولزمه أداء الثمن وإن رد نفذ عن المباشر وبه قال الشافعي في القديم وأحمد وإنما يصح الشراء لأنه تصرف في ذمته
(٢٢٥)