نسخه، وإلا لكان نسخه مفسدة، وهو قبيح، وإن كان مفسدة، استحال الأمر به باتفاقكم، لكن أمر به، فيكون مصلحة، فلا ينسخ.
الثاني: إن موسى (عليه السلام) قال: " تمسكوا بالسبت أبدا " (1)، وذلك دليل على دوام شرعه، فإذا كان شرعه دائما استحال نسخه، وإلا لزم كذبه، وهو محال.
الثالث: إن موسى (عليه السلام) إما أن يكون قد بين دوام شرعه، أو يكون قد بين انقطاعه، أو لم يبين شيئا من الأمرين، والقسمان الأخيران باطلان، فتعين الأول، وهو أنه قد بين دوام شرعه، فيستحيل نسخه.
أما بطلان القسم الثاني، فلأنه لو بين انقطاع شرعه لوجب نقله، كما نقل باقي جزئيات شرعه، لا سيما وأن هذا مما تتوفر الدواعي على نقله، لكنه لم ينقل فلم يبين انقطاعه، وهو المطلوب.
وأما القسم الثالث: وهو أنه (عليه السلام) لم يبين انقطاع شرعه ولا عدم انقطاعه، فهو باطل، لأنه يلزم منه أن يكون أمره بالتمسك بشرعه أمرا مطلقا، وقد تقرر في الأصول أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، بل يدل على طبيعة الفعل، فإذا وقع على جزئي من جزئياته حصل المطلوب، لوجودها في ضمن ذلك الجزئي، فليكف المرة الواحدة، وهو باطل، فإطلاقه الأمر باطل.
وأجيب عن الاحتجاج الأول: بأننا نمنع الحصر، فإنه يجوز أن يكون الشئ مصلحة في وقت ومفسدة في وقت آخر، ومصلحة بالنسبة إلى شخص، مفسدة بالنسبة إلى شخص آخر، فيأمر به في وقت هو مصلحة فيه لشخص هو مصلحة له، وينهى عنه في وقت هو مفسدة فيه ولشخص هو مفسدة له.