ذلك خلف لقولهم، وخلاف لفعلهم بالوجه الصريح.
أيجمل بنا ونحن في القرن العشرين - قرن التنور والحضارة، وعصر النور والكهرباء ودور التحرر والحرية في المبادئ والمذاهب والأديان - أن نقف هذا الموقف الفاشل من الجمود؟! لا يرضى الشرع بذلك ولا الحرية - يا أيها المتحررون -.
أجل ظهر من الفقهاء من اتخذ الدين آلة للدنيا، ووسيلة تقربه إلى سلاطين العصر زلفى، ثم من وراء ذلك الدراهم والدنانير، والحور والقصور، فاستخدموا العلم في مصالح السلطة، وتبرير عمل الحكام والأمراء، استعراض بعض شواهدها التاريخية يرفع عنها صحائف العلم والعلماء، فلنضرب عن تلك الصفحات صفحا فما هي إلا سواد في سواد في وجه التاريخ وصفحات العصور والدهور، إن مثل هؤلاء لجدير أن يقبر علمهم حيث يقبرون، وأن يحثى عليه وعليهم الرماد دون التراب، وأن يسد اجتهادهم بألف باب وباب، ولا يذكر لهم من الفقه والعلم قليل ولا كثير، لكن هذا كله لا يبرر لنا أن نسد باب الاجتهاد من رأس، فمن وراء ذلك محاذير ومحاذير.
إنا نحاول - ببركة فتح باب الاجتهاد - أن ينفتح لنا كثير من المشاكل والمعضلات، وأن يسير الناس في الدين قدما لا يلوون على شئ، ولا يصدهم عن طريقهم إليه عثرات الالتواء والتقيد، الأمر الذي ستساعدنا على تحقيقه - حيث انتبهوا إليه في الآونة الأخيرة - كتبة إخواننا المصريين قادة الرأي لإخوانهم في العصر الحديث، وإلا فقل لي - أيها القارئ الكريم - ماذا نصنع ونحن لا نريد أن نخطو موطئ قدم عن تراث الأولين في هذه الحوادث المتجددة في مختلف شؤون الحياة، والحياة كل آن في طور جديد، وليس لمتوهم أن يتوهم فيأخذ هذا برهانا