قال: " ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضي حكمه ". (1) ومثل هذه الرواية أيضا رواية داود بن حصين، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، عن قول أيهما يمضي الحكم؟ قال: " ينظر إلى قول أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلى الآخر ". (2) هذه هي الروايات أو بعض الروايات الواردة في هذا المقام، ورد الاستدلال بها بأن الارجاع إلى الأعلم في الحكومة وفصل الخصومة لا يستلزم الترجيح في مقام الافتاء، ورد هذا الرد بأن المراد من الحكم في الروايات ليس هو الحكم المقابل للفتوى الذي معناه القضاء في فصل الخصومات الذي هو إنشاء لا إخبار عن الحكم الواقعي، بل المراد به هو الاخبار عن حكم الله الواقعي، فيعم حينذاك الفتوى والحكم الذي هو بمعنى فصل الخصومة والقضاء، وبهذا يتم الاستدلال فيتم المطلوب. أضف أن هناك دعوى إجماع مركب في المقام، فكل من قال بتقديم حكم الأعلم قال هو بتقديم فتواه، فالقول بالفصل إحداث قول ثالث خارق لهذا الاجماع.
الثالث: أن قول الأفضل أقرب من غيره جزما، فيجب الأخذ به عند المعارضة عقلا، وأنت ترى أن هذا الوجه كأنه تركب من صغرى وكبرى، فالصغرى هي قولنا: إن فتوى الأفضل أقرب من غيره، والكبرى هي قولنا: كل ما كان أقرب يجب الأخذ به، وقد منع هذا الوجه بصغراه وكبراه.