الاستدلال:
أولا: بأنه لا دلالة لها على التقليد من رأس، كما مر الكلام فيه.
وثانيا: بأنه لا إطلاق فيها على تقدير تسليم الدلالة، وإنما هي مسوقة لبيان أصل التشريع.
ومنها: دعوى السير على البقاء، فإن المعلوم من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) عدم رجوعهم عما أخذوه تقليدا بعد موت المقلدين، ورد هذا الاستدلال بمنع قيام السيرة على ما هو محل الكلام، وأصحابهم (عليهم السلام) إنما لم يرجعوا عما أخذوه من الأحكام لأجل أنهم غالبا ما كانوا يأخذونها ممن ينقلها عنهم (عليهم السلام) بلا واسطة أو بواسطة لا يتدخل رأيه فيما ينقله من رأس، فليس هو من التقليد لا في قليل ولا كثير، إذ هو ليس أخذا بالرأي إنما هو أخذ بالرواية.
هذا شئ أو بعض شئ مما له صميمية أو مسيس ارتباط إلى بحوث الاجتهاد والتقليد، عرضناه واستعرضناه على نحو يتناسب واختصار هذا الكتاب.
ونحن وقد بلغنا في الموضوع حد الختام فلنأخذ بعرض واستعراض شئ أو بعض شئ من الحكمة التشريعية المتعلقة بموضوع الاجتهاد والتقليد نعرضها أو نستعرضها أيضا على نحو يتناسب واختصار هذا الكتاب.
شرع المشرع المقدس الاجتهاد لمن يقدر عليه من المتمتعين بقوة الموهبة، وهبة الذكاء، ورغبة النفس، وفراغ الزمن، واتساع الظروف على نحو يتلاءم ونظام المعاش والمعاد، شرع الشارع المقدس الاجتهاد لمن يتمتع بهذا وذلك وذاك تحريرا للأفكار عن الجمود، وتحريكا لها عن الركود، وتعزيزا لها عن الخمود، واطلاعا لها على الأشياء بتفصيل، وإشباعا لها بتحمل مصادر الأحكام ومواردها عن الدليل،