فحكمه حكم العالم في وجوب معرفة ذلك عليه، ولا خلاف بين الناس أنه يلزم العامي معرفة الصلاة أعدادها، وإذا صح ذلك وكان علمه بذلك لا يتم إلا بعد معرفة الله تعالى ومعرفة عدله ومعرفة النبوة، وجب أن لا يصح له أن يقلد في ذلك، ويجب أن يحكم بخلاف قول من قال: يجوز تقليده في التوحيد مع إيجابه منه العلم بالصلوات.
والذي نذهب إليه أنه يجوز للعامي الذي لا يقدر على البحث والتفتيش، تقليد العالم، يدل على ذلك أني وجدت عامة الطائفة من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) وإلى زماننا هذا يرجعون إلى علمائها ويستفتونهم في الأحكام والعبادات ويفتونهم العلماء فيها ويسوغون لهم العمل بما يفتونهم به، وما سمعنا أحدا منهم قال لمستفت: لا يجوز لك الاستفتاء ولا العمل به، بل ينبغي أن تنظر كما نظرت وتعلم كما علمت، ولا أنكر عليه العمل بما يفتونهم، وقد كان منهم الخلق العظيم عاصروا الأئمة (عليهم السلام) ولم يحك عن واحد من الأئمة (عليهم السلام) النكير على أحد من هؤلاء ولا إيجاب القول بخلافه، بل كانوا يصوبونهم في ذلك، فمن خالف في ذلك كان مخالفا لما هو المعلوم خلافه.
فإن قيل: كما وجدناهم يرجعون إلى العلماء فيما طريقه الأحكام الشرعية وجدناهم أيضا كانوا يرجعون إليهم في أصول الديانات ولم نعرف أحدا من الأئمة ولا من العلماء أنكر عليهم، ولم يدل ذلك على أنه يسوغ تقليد العالم في الأصول.
قيل له: لو سلمنا أنه لم ينكر أحد منهم ذلك، لم يطعن ذلك في هذا الاستدلال لأن على بطلان التقليد في الأصول أدلة عقلية وشرعية من كتاب وسنة وغير ذلك، وذلك كاف في النكير.
وأيضا فإن المقلد في الأصول يقدم على ما لا يؤمن أن يكون جهلا، لأن طريق