ويخصص بعضها بعضا.
وإن قائل قائل: منها حق ومنها باطل، قيل له: فعرفنا بما يعرف القياس الصحيح من الفاسد، ولا سبيل لهم إلى وجود ذلك أبدا، ولا سبيل لهم إلى وجود دليل على تصحيح الصحيح من القياس من الباطل منه، فقد بطل كله وصار دعوى بلا برهان، فإن ادعوا أن الباطل قد أمر الله عز وجل به، سئلوا: أين وجدوا ذلك؟ فإن قالوا: قال الله عز وجل: * (فاعتبروا يا أولي الابصار) * (1) قيل لهم: إن الاعتبار ليس هو في كلام العرب الذي نزل به القرآن إلا التعجب. قال عز وجل: * (وإن لكم في الأنعام لعبرة) * (2) أي تعجبا، وقال الله تعالى: * (لقد كان في قصصهم عبرة) * (3) أي عجب.
ومن الباطل أن يكون معنى الاعتبار القياس، ويقول: قيسوا، ثم لا يبين ماذا نقيس، ولا كيف نقيس، ولا على ماذا نقيس، وهذا ما لا سبيل إليه، لأنه ليس في وسع أحد أن يعلم شيئا من الدين إلا بتعليم الله تعالى له إياه على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله)، وقد قال الله تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * (4)، فإن ذكروا أحاديث وآيات فيها تشبيه شئ بشئ وأن الله تعالى قضى وحكم بأمر كذا من أجل أمر كذا، قلنا لهم: كل ما قاله الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من ذلك فهو حق لا يحل لأحد خلافه، وهو نص به وتقول، وكل ما تريدون أنتم أن تشبهوه في الدين وأن تعللوا بما لم ينص عليه الله تعالى ولا رسوله فهو باطل وإفك، وشرع لم يأذن الله تعالى به، وهذا يبطل عليهم