مشحون (1) بذلك.
وانقطاع أبي عبد الله سلمان الفارسي إليه في جميع أحواله وأوقاته، وكذلك أبو ذر والمقداد، وخلافهم على أبي بكر وصاحبيه من المعلوم أيضا، كما يشهد به السير والآثار والنقلة الأخيار، فلا يغتر عاقل بما زينه حب الدنيا وزخارفها الفانية لهؤلاء الغفلة الذين اتبعوا أهواءهم وآراء أسلافهم، فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل.
وحيث رأى كثير من علمائهم أن الاستدلال بالاجماع لم يتم، نظرا إلى ما ذكرناه وتحققه عندهم، عدلوا إلى القول بأن الإمامة تثبت باختيار واحد من المسلمين وإن كان فاسقا، ويجب على الباقين اتباعه في ذلك ولو جبرا.
وممن صرح بذلك من علمائهم المتعصبين محمد بن أبي بكر الأصفهاني ذكر في كتاب ألفه في رد اعتراضات الإمامية عليهم في الإمامة وغيرها.
وأنت خبير بأن مثل هذا العدول لما كان من غير عدل، بل من الفاسد إلى الأفسد، اتسعت به دائرة الاعتراض وضاقت على هؤلاء مسالك الانقباض، إذ يقال لهم: كما قبض أبي بكر كم من اختاره (2)، فقد وفق الله العلي لعلي من اختاره قبل اختيار صاحبكم، كالحسنين عليهما السلام وسلمان وأبي ذر والمقداد وغيرهم، فالترجيح معنا، فماذا يقولون؟ إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا.
وأما حديث أبي بكر فعلى تقدير تسليمه لا يدل على مدعا هم أيضا، لأن قول الحاضرين " لكنا ننظر " كما يحتمل النظر في السمعيات يحتمله في العقليات فلم يدل على وجوبها سمعا، وقد علم من هذه الجملة (3) من هؤلاء القوم بعد خلو