بصدقه لا بمجرد الدعوى يثبت صدقه، بل ولا بمجرد المعجزة على يده، ما لم ينضم إليه مقدمات:
منها: أن هذا المعجز من عند الله تعالى.
ومنها: أنه تعالى فعله لغرض التصديق.
ومنها: أن كل من صدقه الله تعالى فهو صادق، ولكن العلم بصدقه حيث توقف على هذه المقدمات النظرية، لم يكن ضروريا، بل كان نظريا، فللمكلف أن يقول: لا أعرف صدقك إلا بالنظر، والنظر لا أفعله، إلا إذا وجب علي، وعرفت وجوبه. ولم أعرف وجوبه إلا بقولك، وقولك ليس حجة علي قبل العلم بصدقك فتنقطع حجة النبي صلى الله عليه وآله، ولا يبقى له جواب يخلص به، فينتفي فائدة بعثة الرسل، حيث لا يحصل الانقياد إلى أقوالهم، ويكون المخالف لهم معذورا، وهذا هو عين الالحاد والكفر. نعوذ بالله منه.
فلينظر العاقل المنصف من نفسه: هل يجوز له اتباع من يؤدي مذهبه إلى الكفر؟، وإنما قلنا بوجوب النظر لأنه دافع الخوف، ودفع الخوف واجب بالضرورة.
المعرفة واجبة بالعقل البحث الثالث: إن معرفة الله تعالى واجبة بالعقل. الحق أن وجوب معرفة الله تعالى مستفاد من العقل وإن كان السمع قد دل عليه بقوله:
" فاعلم أنه لا إله إلا الله " (1) لأن شكر المنعم واجب بالضرورة، وآثار النعمة علينا ظاهرة، فيجب أن نشكر فاعلها، وإنما يحصل بمعرفته، ولأن معرفة الله تعالى واقعة للخوف الحاصل من الاختلاف، ودفع الخوف واجب بالضرورة.