ودين الله دخلا (1)، فقال: هل سمعتم من رسول الله؟ فقال علي والحاضرون: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر " (2)، فنفاه إلى ربذة.
وروى الواقدي: أن أبا الأسود الدؤلي قال: كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه، فنزلت الربذة، فقلت له: ألا تخبرني، خرجت من المدينة طائعا، أم أخرجت؟ فقال: كنت في ثغر من ثغور المسلمين، أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة، فقلت: أصحابي، ودار هجرتي، فأخرجت منها إلى ما ترى.
ثم قال: بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد، إذ مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله، فضربني برجله، وقال: لا أراك نائما في المسجد، قلت: بأبي أنت وأمي: غلبتني عيني فنمت فيه: فقال: كيف تصنع إذا أخرجوك منه؟
قلت: إذن ألحق بالشام فإنها أرض مقدسة، وأرض بقية الإسلام، وأرض الجهاد، فقال: كيف تصنع إذا أخرجوك منها؟ قلت: أرجع إلى المسجد فقال: كيف إذا أخرجوك منه؟ قلت: آخذ سيفي فأضربه، فقال صلى الله عليه وآله:
ألا أدلك على خير من ذلك، إنسق معهم حيث ساقوك، وتسمع وتطيع، فسمعت وأطعت، وأنا أسمع وأطيع، والله ليقتلن الله عثمان وهو آثم في جنبي (3).