ويحزن كثيرا، لأجل هذه الأمور بالذات.
ولعل ذلك يرجع إلى أن هذا الذي رأيناه ثانويا، وغير ذي أهمية، بنظرنا القاصر. إنما يكشف عن خلفيات مرعبة، وبواعث ومنطلقات خطيرة، من شأنها أن تقوض كل بناء وتنسف كل جهد، وتحبط كل مسعى في سبيل إقامة صرح العدل، وتثبيت الحق وترسيخه.
ولتصبح من ثم كل تلك الجهود، وهاتيك المنجزات مجرد ظواهر ومظاهر لامعة، وشكليات خادعة، ليس لها من الثبات، والأصالة والرسوخ، ما يمكنها من الصمود والتصدي، في مواقع التحدي، ولا من مواجهة المحن، والعوادي، والأخطار.
وواضح: أن كل جهد وبناء، لا يقوم على الركائز العقيدية والايمانية، والأخلاقية، والسلوكية الثابتة، لا يكون سوى جهد ضائع، وسراب خادع، لا حياة له ولا بقاء، ولسوف ينتهي إلى التلاشي والدمار والفناء.
وهذا هو القرآن نراه في هذا المناسبة يركز على الخصائص الايمانية والعقيدية، بالنسبة إلى اليهود، والمنافقين على حد سواء.
فهو تعالى يقول عن اليهود: * (وما أولئك بالمؤمنين) *.
ويقول عن المنافقين: * (الذين آمنوا، ولم تؤمن قلوبهم) * و * (يسارعون في الكفر) *.
وعنهما معا يقول: * (ومن يرد الله فتنته، فلن تملك له من الله شيئا، أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) *.
وعن خصائصهم السلوكية والأخلاقية يقول: * (سماعون للكذب أكالون للسحت) * * (يحرقون الكلم من بعد مواضعه) * (1).