بعد مواضعه. يقولون: إن أوتيتم هذا، فخذوه، وإن لم تؤتوه، فاحذروا، ومن يرد الله فتنته، فلن تملك له من الله شيئا، أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، لهم في الدنيا خزي، ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
سماعون للكذب، أكالون للسحت فإن جاؤوك، فاحكم بينهم، أو أعرض عنهم، وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا، وإن حكمت، فاحكم بينهم بالقسط، ان الله يحب المقسطين وكيف يحكمونك، وعندهم التوراة فيها حكم الله، ثم يتولون من بعد ذلك، وما أولئك بالمؤمنين) * (1).
إننا إذا راجعنا هذه الآيات، وتأملناها، فلسوف نجد فيها الكثير من الحقائق الهامة، والمطالب العالية، التي يهم الانسان المسلم الوقوف إليها، والتعرف عليها، وبما أن المجال لا يتسع لطرح كل ما نجده - بفهمنا القاصر - في ثنايا هذه الآيات، فلسوف نقتصر على الالماح العابر لامرين فقط، لربما نجد فيهما بعض الصلة فيما نحن بصدده، وهذان الأمران هما:
الأول: إننا نلاحظ: أن بعض الأمور، تبدو لنا صغيرة وثانوية، وغير ذات أهمية كالحض على طعام المسكين، ثم إننا إذا رجعنا إلى القرآن الكريم، نجده قد أولاها المزيد من العناية، واهتم بها اهتماما بالغا، فنزلت بخصوصها الآيات الكثيرة، ذات الطابع القوي، والعنيف، والمركز. مع إظهار: أن النبي (صلى الله عليه وآله)، الذي يتصرف من موقع الوالد الرحيم لكل أحد، والذي تذهب نفسه حسرات، من أجل هداية الناس، وإبعادهم عن مزالق الشر والجريمة - هذا كله عدا عن موقعه (ص) كقائد مشرع وحكيم - نعم إن هذا النبي، يهتم، ويغتم،