الله عليه وآله) نفسه، وإنما هو فقط من صلاحيات رب العزة، وخالق الكون دون سواه، فهو الذي يختار ومنه يصدر القرار، وقد قدمنا بعض ما يرتبط بهذه القضية في الجزء الثالث، من هذا الكتاب في فصل: حتى بيعة العقبة، فراجع.
المشركون في مواجهة الوجدان:
وبعد فقد ذكرت الروايات: أن أبا براء، ملاعب الأسنة، قد أرسل إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، يستشفيه من دبيلة كانت في بطنه، فتناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) جبوبة (وهي المدرة) من تراب، فأمرها على لسانه ثم دفها بماء، ثم سقاه إياها، فكأنما أنشط من عقال (1).
وفي نص آخر: فتفل فيها وقال: دفها بماء، ثم أسقاه إياه ففعل، فبرئ، ويقال: إنه بعث إليه بمكة عسل، فلم يزل يلعقها حتى برئ (2).
ويذكرنا هذا النص بما قدمناه عن مشركي مكة أيضا، الذين يعلم كل أحد ما لاقاه النبي (صلى الله عليه وآله) منهم، حتى اضطروه إلى الهجرة، فإنهم مع عدائهم له (صلى الله عليه وآله) يودعون أموالهم عنده (ص)، حتى ليضطر إلى إبقاء علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في مكة ثلاثة أيام - حين الهجرة - ليؤدي الودائع والأمانات إلى أصحابها.
ومعنى ذلك هو أنهم يرون في هذا النبي (صلى الله عليه وآله): أنه متصل بالغيب، حتى ليرسلون إليه يستشفونه من أمراضهم، كما ويرون فيه أنه في غاية الأمانة والرعاية لحقوق الناس، وأموالهم. الامر الذي لا بد أن يكشف لهم عن ملكات وفضائل أخلاقية نادرة لديه (صلى الله عليه وآله)