وأنه لا مطمع له بمال، ولا بمتاع دنيا.
وإذن فإنهم لا بد أن يتلمسوا التناقض الهائل الذي يجدون أنفسهم فيه، فهم يكرهونه، ويكذبونه، ويتهمونه، وهم كذلك يرون طهارته، وعفته وصدقه، وأمانته. حتى لقبوه بالصدق الأمين. فيعيشون حالة الصراع الداخلي مع ذاتهم، ومع وجدانهم، وما أشده من صراع، وما أعظم البركات التي يحصلون عليها لو انتصر عقلهم ووجد انهم. وما أخطرها وأشدها دمارا، لو انتصرت المشاعر والأهواء، والمصالح الشخصية الرخيصة.
وليراجع الجزء الثاني من هذا الكتاب في بحث: العوامل المساعدة على انتصار الاسلام وانتشاره ففيه مطالب أخرى ترتبط بهذا المقام.
ولعل هذا الاحساس الوجداني الصريح، الذي أدركه أبو براء من خلال مصادقته له (صلى الله عليه وآله) - فإنه كان له صديقا - هو الذي جعل هذا الرجل يتحمس لان يرسل النبي (صلى الله عليه وآله) دعاته إلى نجد، ثم يتعهد بأن يكونوا في جواره، وتحت حمايته.
رفضه (ص) هدية ملاعب الأسنة، منطلقاته، ودلالاته:
وتواجهنا في الروايات المتقدمة قضية رفضه (صلى الله عليه وآله) هدية أبي براء، ملاعب الأسنة، على اعتبار أنه (صلى الله عليه وآله)، لا يقبل هدية مشرك، حتى ولو كان صديقا له.
وقد تقدم في فصل أبو طالب مؤمن قريش موارد أخرى في هذا المجال، وهي تدل على أن ذلك كان نهجا له (صلى الله عليه وآله) ويصر على الالتزام به، والتعامل على أساسه.
ونحن في مجال فهم الهدى النبوي في هذا الاتجاه، نشير إلى ما يلي: