العقل، وتلكم الحكمة، وإن كان عن قناعة وجدانية ونفحة إيمانية كانت قد بدأت تذكو في نفسه، فما علينا إلا أن نقبل بالرواية القائلة: إنه قد أسلم قبل أن يموت. ونحن نود أن تكون هذه هي عاقبته، وإن كنا لا نملك الدليل القاطع على ذلك.
المنطق القبلي مرفوض في الاسلام:
وبعد. فقد رأينا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ليس فقط لا يؤيد ما فعله عمرو بن أمية الضمري، من قتل الرجلين، وإنما يعبر عن إدانته واستيائه من هذا الامر.
ثم هو يتعهد بأن يدي الرجلين، ويفعل ذلك.
وإذا أردنا أن لا نقبل بكون الرجلين كانا قد أسلما حقيقة بقرينة:
أنهم يقولون: إنه (صلى الله عليه وآله) أعطي دية حرين مسلمين.
فإننا لابد أن نستفيد من موقف النبي (صلى الله عليه وآله) هذا حتى ولو كانا كافرين إدانة صريحة للمنطق الجاهلي القبلي الذي يبيح للانسان أن يقتل أيا من أفراد القبيلة الأخرى، لو ارتكب واحد منها جريمة تجاه قريب له فرضا.
فهو (صلى الله عليه وآله) يلوم عمرو بن أمية ويدين عمله، ويقول له: بئس ما صنعت. رغم أنه لم يكن يعلم بالعهد، ورغم أن اللذين قتلهما كانا بزعمه مشركين.
ويوضح أنه (صلى الله عليه وآله) إنما يدين المنطق القبلي الجاهلي قوله (صلى الله عليه وآله): رجلين من أهل ذمتي قتلتهما لا لأجل دينهما، حسبما روي.