منطلقا من قيمة أخلاقية، ورسالية، فرضها عليه واقع أن هذين الرجلين كانا من أهل ذمته (صلى الله عليه وآله)، ولم يقتلا من أجل ذنب أتياه، حسبما أشرنا إليه آنفا.
ويضيف ذلك البعض: أنه كان معيبا في حق بني عامر، ترك الرجال يقتلون، وهم تحت حمايتهم، ولهذا كان الشاعر المسلم كعب بن مالك واضحا في هذا الصدد.
إلى أن قال: ولم يكن محمد يستطيع التخلي عن بني عامر قبل التخلي عن كثير من الآمال، ولكن هذا لم يمنعه من أن يصلي ويطلب من الله معاقبة عامر (1).
ولكننا نقول: إنه (ص) قد دعا على رعل وذكوان وعصية، ولم أجد أنه دعا على بني عامر، بل ذكر الواقدي: أنه (صلى الله عليه وآله) قال:
اللهم اهد بني عامر، واطلب خفرتي من عامر بن الطفيل (2) ولعل عدم مشاركة بني عامر في الدفاع عمن أجارهم أبو براء، إنما هو من أجل أن لا تحدث انشقاقات خطيرة بينهم وبين غيرهم ممن استجاب لابن الطفيل.
وأما القول بأن تخلي النبي عن بني عامر، معناه التخلي عن كثير من الآمال. فإنه غير واضح، إذ ماذا يمثل بنو عامر، وما هو الدور الذي قاموا به، أو يمكنهم أن يقوموا في نصرته (صلى الله عليه وآله)؟!
الأفق الضيق:
وما أقل عقل عامر بن الطفيل، وما أحقر طموحاته وأحطها، وما أضيق الأفق الذي يفكر فيه. حينما نجده يفعل الأفاعيل انطلاقا من حالة