انفعالية آثارها أمر تافه، وتافه جدا، جعله يرتكب أبشع جريمة، ويخالف كل الأعراف والتقاليد، فيغدر، ويخفر الذمم ويقتل الرسول، ويقتل الكثيرين غيره، ويبادر إلى الزحف نحو المدينة كل ذلك من أجل أي شئ يا ترى، وفي سبيل أية قضية؟!
إن ذلك كله. كما ورد في الروايات قد كان من أجل أن صبيا عطس، فشمته النبي (صلى الله عليه وآله) لأنه حمد الله، ويعطس عامر فلا يحمد الله، فلا يشمته رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وما كان أحراه بان يستفيد من هذه القضية درسا حياتيا مفيدا، فيتوجه نحو الله سبحانه ويعتبر أن العز، والشرف، والسؤدد بالقرب منه تعالى، والعمل بما يرضاه، وأن كل شئ بدون الله فهو حائل زائل، وزخرف باطل، لا قيمة له، فيربي نفسه على ذكر الله، والتقرب إليه لينال كل ما يصبو إليه من عز وشرف وحياة وسعادة.
ولكنه يتخلى عن ذلك كله، ليتبع خطوات الشيطان، ويشمخ بأنفه، وينظر في عطفه، ويصر مستكبرا صادا عن ذكر الله سبحانه، يتخيل أن بإمكانه أن يحصل على شئ بدون الله، وبدون اللجوء إليه سبحانه، فتكون النتيجة هي أنه يجلب لنفسه الوبال، والدمار، ويخسر الدنيا والآخرة وبئس للظالمين بدلا.
خلافة النبوة:
أما مطالب عامر بن الطفيل التي عرضها على النبي (صلى الله عليه وآله) فهي تنقسم إلى قسمين:
أحدهما: يجسد طموحاته وأطماعه الدنيوية وحبة للتسلط، والاستئثار، فنجده يساوم النبي - كما فعله مسيلمة الكذاب فيما بعد (1) -