سجن المؤمن، والقبر حصنه والجنة مأواه (1) وما أحلى أن يحصل الانسان على حريته، ويكون هو سيد نفسه ويواصل انطلاقته نحو الله، ويسرح في رحاب ملكوته. * (والدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) * (2).
أما الكافر فهو يرى الموت فناء وعدما، وضياعا، فهو كارثة حقيقية بالنسبة إليه، خسران لنعيم الدنيا، والدنيا هي جنة الكافر والقبر سجنه، والنار مأواه، حسبما جاء في الحديث الشريف (3).
وبكلمة. إن الموت هو سر الحياة، وهو يعطي للحياة معناها وقيمتها، وهو سر الطموح، والحركة والبناء، والعمل الهادف المنتج، وهو سر سعي الانسان نحو كماله ونحو ربه: * (يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا، فملاقيه) * (4).
وبالموت تتساقط الحجب والموانع، التي تقلل من قدرة الانسان على الاحساس بالواقع، لأنه إنما يتصل بالواقع عن طريق الحواس المادية، التي لا تسمح بالاحساس بالواقع، إلا في مستوى التخيل والتصوير، ولا توصل إلى كنه الحقائق، والاتصال بأسرار الكون والحياة.
هذا بالإضافة إلى أن المعاصي تزيد من طغيان الجسد، وضعف القدرات الروحية، فيتضاءل إحساسه بالحقائق، ويتقاصر فهمه عنها، ولا يعود قادرا على التعامل معها بعمق ذاته ووجوده، وبكنه مواهبه الإلهية.
وكل ما تقدم يفهمنا بعض ما يرمي إليه الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام) والمتقدم برقم - 3 - ولعل جانبا مما يرمز إليه