ونقول:
إن هذا الحدث العظيم تقشعر له الأبدان، وتخشع له النفوس وتعنو له الجباه بالخضوع والتسليم. ولكن العجيب هنا هو أننا لم نجد هذا الحدث قد أثر أثرا يذكر فلم يتراجع عامر بن الطفيل ولا أصحابه عن قتل من تبقى من أصحاب عامر بن فهيرة، ولا أظهر ندما على ما صدر منه، بل أصر على ما فعل. ولما قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) أعلن بالتهديد والوعيد له (صلى الله عليه وآله) بألف أشقر، وألف شقراء، حتى قتله الله في بيت سلولية حسبما ذكروه. وقد كنا نتوقع منه أن يعلن إسلامه فور مشاهدته هذه الكرامة الباهرة.
ولا أقل من أن نجد من أصحابه من يعترض عليه، أو من يتردد في مواصلة الحرب مع البقية الباقية من أصحاب عامر بن فهيرة، أو من يعلن منهم بعد ذلك بإسلامه محتجا لعمله بما ظهر لعامر بن فهيرة؟!
وحينما ذهب عامر بن فهيرة بطائفة من الرمح الذي طعنه به قاتله، ما بالنا لا نرى قاتله يقع مغشيا عليه؟! أو لماذا لا يفر على وجهه من ساحة المعركة؟! أو لا يصاب بالذهول والوجوم مما شاهد ورأى؟!
بل على العكس نجد الكل يستمرون على شركهم، وعلى طغيانهم، ولا تظهر منهم أية بادرة خوف أو ندم أو تردد أمام هذا الامر الخطير، بل يواصلون هجومهم على من تبقى من المسلمين، حتى أبادوا خضراءهم واستأصلوا شأفتهم.
بل ويقتلون حتى المنذر بن محمد الذي كان غائبا عن المعركة ورجع فرأى مقتل أصحابه (1)، ويقتلون الحارث بن الصمة أيضا بعد أن