الله عليه وآله)، فهذا هو الذي جعلهم ينسجون له هذه الفضيلة، ويتفضلون عليه بهذا التعظيم، أي حبا منهم بسيده، وليس به هو. وحبك الشئ يعمي ويصم.
ولو أنهم علموا: أن أبا بكر لم يكن هو الذي أعتقه، وإنما الذي أعتقه هو رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه - كما قاله الإسكافي - كما قدمنا (1) - لكان لهؤلاء، موقف آخر، ولكان ثقل عليهم تحمل عناء جعل هذه الفضيلة له أو تلك، ومنحه هذا الوسام أو ذاك.
وقد يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد اشتراه من نفس أبي بكر، ثم أعتقه، وذلك بدليل: أنهم يقولون: إنه كان للطفيل بن عبد الله بن سخبرة، واشترى أبو بكر عامر بن فهيرة من الطفيل كما يقولون (2).
ولعل ما يؤيد ذلك: أنهم يقولون: إن عامر بن فهيرة كان من السابقين إلى الاسلام، أسلم وهو مملوك قبل دخول النبي (صلى الله عليه وآله) دار الأرقم. ودخوله (صلى الله عليه وآله) إلى دار الأرقم قد كان قبل ظهور الاسلام في مكة، وقبل الهجرة إلى الحبشة.
وقد قدمنا: أن أبا بكر قد أسلم بعد أكثر من خمسين رجلا، أي في حوالي السنة الخامسة من البعثة فإن النتيجة تكون: أن عامر بن فهيرة قد أسلم قبل أبي بكر، وإذا كان مملوكا لربيبه، فلا نستبعد أن يكون أبو بكر نفسه هو الذي كان يقوم بتعذيبه، فيبدو، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد اشتراه من أبي بكر الذي كان قد اشتراه من الطفيل. ولذا عدوه من موالي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حسبما قدمناه.