تحقيق، فهو لا يصدر عن أي إنسان عادي آخر، فكيف بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي هو عقل الكل، ومدبر الكل، ورئيس الكل، وقد تلقى (صلى الله عليه وآله) الحكمة عن الله سبحانه، فلا يعقل أن يتصرف تصرفا غير معقول كهذا.
وإما أن يكون قد حكم وفق الضوابط الظاهرية، التي جعلها الله سبحانه في موارد كهذه، فلا معنى لاعتبار ذلك من الذنوب، التي لا بد أن يستغفر منها.
وإما أن يكون (صلى الله عليه وآله) قد حكم وفق هواه، وعلى خلاف ما يريده الله سبحانه، حتى صح أن يعد الله ذلك ذنبا يستوجب الاستغفار. فمعنى ذلك: أن لا يكون (صلى الله عليه وآله) معصوما، وهذا خلاف ما ثبت بالدليل القاطع، والبرهان الناصع، من عصمته (صلى الله عليه وآله)، وخلاف الآيات التي ألزمت الناس بالرجوع إليه ليحكم بينهم، واعتبار حكمه حكما إلهيا، لا بد من قبولهم به وانتهائهم إليه.
2 - إن قوله تعالى في بقية هذه الآيات، التي يقال: إنها نزلت في هذه المناسبة:
* (ولولا فضل الله عليك ورحمته، لهمت طائفة منهم أن يضلوك.
وما يضلون إلا أنفسهم، وما يضرونك من شئ، وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة، وعلمك ما لم تكن تعلم، وكان فضل الله عليك عظيما) * (1).
ثم قوله: * (لا خير في كثير من نجواهم) * (2).
وكذا قوله: * (إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) * (3).