ولهذه النية لما ولي الخلافة كان بيت المال صفرا من المال وكانت الأحوال فاسدة، والعرب تعيث في الأرض فسادا في كل جهة، فلم يزل برأيه وتسديده حتى كثرت الأموال وصلحت الأحوال في سائر الأقاليم والآفاق. ومن شعره في جارية له توفيت فوجد عليها:
يا حبيبا لم يكن * يعدله عندي حبيب أنت عن عيني بعيد * ومن القلب قريب ليس لي بعدك في شئ * من اللهو نصيب لك من قلبي على قلبي * وإن غبت رقيب وحياتي منك مذ غبت * حياة لا تطيب لو تراني كيف لي * بعدك عول ونحيب وفؤادي حشوه من * حرق الحزن لهيب ما أرى نفسي وإن * طيبتها عنك تطيب ليس دمع لي يعصيني * وصبري ما يجيب وقال فيها:
لم أبك للدار ولكن لمن * قد كان فيها مرة ساكنا فخانني الدهر بفقدانه * وكنت من قبل له آمنا ودعت صبري عنه توديعه * وبان قلبي معه ظاعنا وكتب إليه ابن المعتز يعزيه ويسليه عن مصيبته فيها:
يا إمام الهدى حياتك طالت * وعشت أنت سليما أنت علمتنا على النعم الشكر * وعند المصائب التسليما فتسلى عن ما مضى وكأن التي * كانت سرورا صارت ثوابا عظيما قد رضينا بأن نموت وتحيى * إن عندي في ذاك حظا جسيما من يمت طائعا لمولاه فقد * أعطي فوزا ومات موتا كريما (2) وقد رثى أبو العباس عبد الله بن المعتز العباسي بن عمر المعتضد بمرثاة حسنة يقول فيها:
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا * وأنت والد سوء تأكل الولدا أستغفر الله بل ذا كله قدر * رضيت بالله ربا واحدا صمدا يا ساكن القبر في غبراء مظلمة * بالظاهرية مقصى الدار منفردا أين الجيوش التي قد كنت تشحنها * وأين الكنوز التي لم تحصها عددا أين السرير الذي قد كنت تملؤه * مهابة من رأته عينه ارتعدا