وفيها توفي:
الناصر لدين الله عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس، وكانت خلافته خمسين سنة وستة أشهر، وله من العمر يوم مات ثلاث وسبعون سنة، وترك أحد عشر ولدا، كان أبيض حسن الوجه عظيم الجسم طويل الظهر قصير الساقين، وهو أول من تلقب بأمير المؤمنين من أولاد الأمويين الداخلين إلى المغرب، وذلك حين بلغه ضعف الخلفاء بالعراق، وتغلب الفاطميين، فتلقب قبل موته بثلاث وعشرين سنة. ولما توفي قام بالامر من بعده ولده الحكم وتلقب بالمنتصر، وكان الناصر شافعي المذهب ناسكا شاعرا، ولا يعرف في الخلفاء أطول مدة منه، فإنه أقام خليفة خمسين سنة، إلا الفاطمي المستنصر بن الحكم الفاطمي صاحب مصر، فإنه مكث ستين سنة كما سيأتي ذلك. وممن توفي فيها من الأعيان:
أبو سهل بن زياد القطان أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد أبو سهل القطان. كان ثقة حافظا كثير التلاوة للقرآن، حسن الانتزاع للمعاني من القرآن، فمن ذلك أنه استدل على تكفير المعتزلة بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) [آل عمران: 156]. إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن بيان أبو محمد الحطبي سمع الحديث من ابن أبي أسامة وعبد الله بن أحمد الكوكبي وغيرهم، وعنه الدارقطني وغيره، وكان ثقة حافظا فاضلا نبيلا عارفا بأيام الناس، وله تاريخ مرتب على السنين، وكان أدبيا لبيبا عاقلا صدوقا، توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، عن إحدى وثمانين سنة.
أحمد بن محمد بن سعيد ابن عبيد الله بن أحمد بن سعيد بن أبي مريم أبو بكر القرشي الوراق، ويعرف بابن فطيس، وكان حسن الكتابة مشهورا بها، وكان يكتب الحديث لابن جوصا، ترجمه ابن عساكر وأرخ وفاته بثاني شوال من هذه السنة.
تمام بن محمد بن عباس ابن عبد المطلب أبو بكر الهاشمي العباسي، حدث عن عبد الله بن أحمد وعنه ابن رزقويه توفي في هذه السنة عن إحدى وثمانين سنة.