محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد أبو عمر الزجاج النيسابوري، صحب أبا عثمان والجنيد والنوري والخواص وغيرهم، وأقام بمكة وكان شيخ الصوفية بها، وحج ستين حجة، ويقال إنه مكث أربعين سنة لم يتغوط ولم يبل إلا خارج الحرم بمكة.
محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة ابن يزيد بن عبد الملك أبو بكر الادمي، صاحب الألحان، كان حسن الصوت بتلاوة القرآن وربما سمع صوته من بعد في الليل، وحج مرة مع أبي القاسم البغوي، فلما كانوا بالمدينة دخلوا المسجد النبوي فوجدوا شيخا أعمى يقص على الناس أخبارا موضوعة مكذوبة، فقال البغوي:
ينبغي الانكار عليه، فقال له بعض أصحابه: إنك لست ببغداد يعرفك الناس إذ أنكرت عليه، ومن يعرفك هنا قليل والجمع كثير، ولكن نرى أن تأمر أبا بكر الادمي فيقرأ، فأمره فاستفتح فقرأ فلم يتم الاستعاذة حتى انجفل الناس عن ذلك الأعمى وتركوه وجاؤوا إلى أبي بكر ولم يبق عند الضرير أحد، فأخذ الأعمى بيد قائده وقال له: اذهب بنا فهكذا تزول النعم. توفي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ربيع الأول من هذه السنة، عن ثمان وثمانين سنة، وقد رآه بعضهم في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: وقفني بين يديه وقاسيت شدائد وأهوالا. فقلت له: فتلك القراءة الحسنة وذلك الصوت الحسن وتلك المواقف؟ فقال: ما كان شئ أضر علي من ذلك، لأنها كانت للدنيا.
فقلت: إلى أي شئ انتهى أمرك؟ فقال: قال الله عز وجل آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين.
أبو محمد عبد الله بن أحمد بن علي ابن الحسن بن إبراهيم بن طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المصري، كان من ساداتها وكبرائها، لا تزال الحلوى تعقد بداره، ولا يزال رجل يكسر اللوز بسببها، وللناس عليه رواتب من الحلوى، فمنهم من يهدي إليه كل يوم، ومنهم في الجمعة، ومنهم في الشهر. وكان لكافور الاخشيد عليه في كل يوم جامان ورغيف من الحلوى، ولما قدم المعز الفاطمي إلى القاهرة وتلقاه سأله: إلى من ينتسب مولانا من أهل البيت؟ فقال:
الجواب إلى أهل البلد، فلما دخل القصر جمع الاشراف وسل نصف سيفه وقال هذا نسبي، ثم نثر عليهم الذهب وقال: هذا حسبي. فقالوا: سمعنا وأطعنا. والصحيح أن القائل للمعز هذا الكلام ابن هذا (1) أو شريف آخر فالله أعلم. فإن وفاة هذا كانت في هذا العام عن ثنتين وستين