وفيها توفي من الأعيان الحسين بن عبد الرحمن أبو عبد الله الأنطاكي قاضي ثغور الشام، يعرف بابن الصابوني، وكان ثقة نبيلا قدم بغداد وحدث بها.
علي بن الحسين بن حرب بن عيسى تولى القضاء بمصر مدة طويلة جدا، وكان ثقة عالما من خيار القضاة وأعدلهم، تفقه على مذهب أبي ثور، وقد ذكرناه في طبقات الشافعية، وقد استعفى عن القضاء فعزل عنه في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، ورجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات في هذه السنة، في صفر منها، وصلى عليه أبو سعيد الإصطخري، ودفن بداره. قال الدارقطني: حدث عنه أبو عبد الرحمن النسائي في الصحيح، ولعله مات قبله بعشرين سنة. وذكر من جلالته وفضله رحمه الله.
محمد بن الفضل بن العباس أبو عبد الله البلخي الزاهد. حكي عنه أنه مكث أربعين سنة لم يخط فيها خطوة في هوى نفسه، ولا نظر في شئ فاستحسنه حياء من الله عز وجل، وأنه مكث ثلاثين سنة لم يمل على ملكيه قبيحا.
محمد بن سعد بن أبي الحسين الوراق صاحب أبي عثمان النيسابوري، وكان فقيها يتكلم على المعاملات. ومن جيد كلامه قوله:
من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدي بها سامعوه، ومن غض نفسه عن شبهة نور الله قلبه نورا يهتدي به إلى طرق مرضاة الله.
يحيى بن عبد الله بن موسى أبو زكريا الفارسي، كتب بمصر عن الربيع بن سليمان، وكان ثقة عدلا صدوقا عند الحكام.
ثم دخلت سنة عشرين وثلاثمائة من الهجرة فيها كان مقتل المقتدر بالله الخليفة، وكان سبب ذلك أن مؤنسا الخادم خرج من بغداد في المحرم منها مغاضبا الخليفة في ممالكيه وحشمه، متوجها نحو الموصل، ورد من أثناء الطريق مولاه يسرى (1) إلى المقتدر ليستعلم له أمره، وبعث معه رسالة يخاطب بها أمير المؤمنين ويعاتبه في أشياء.
فلما وصل أمر الوزير - وهو الحسين بن القاسم وكان من أكبر أعداء مؤنس - بأن يؤديها فامتنع من أدائها إلا إلى الخليفة، فأحضره بين يديه وأمره بأن يقولها للوزير فامتنع، وقال: ما أمرني بهذا