ابن الحجاج الشاعر (1) الحسين بن أحمد بن الحجاج أبو عبد الله الشاعر الماجن المقذع في نظمه، يستنكف اللسان عن التلفظ بها والأذنان عن الاستماع لها، وقد كان أبوه من كبار العمال، وولي وهو حسبة بغداد في أيام عز الدولة، فاستخلف عليها نوابا ستة، وتشاغل هو بالشعر السخيف والرأي الضعيف، إلا أن شعره جيد من حيث اللفظ، وفيه قوة تدل على تمكين واقتدار على سبك المعاني القبيحة التي هي في غاية الفضيحة، في الألفاظ الفصيحة وله غير ذلك من الاشعار المستجادة، وقد امتدح مرة صاحب مصر فبعث إليه بألف دينار. وقول ابن خلكان بأنه عزل عن حسبة بغداد بأبي سعيد الإصطخري قول ضعيف لا يسامح بمثله، فإن أبا سعيد توفي في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فكيف يعزل به ابن الحجاج وهو لا يمكن ادعاء أن يلي الحسبة بعده أبو سعيد الإصطخري، وابن خلكان قد أرخ وفاة هذا الشاعر بهذه السنة. ووفاة الإصطخري بما تقدم. وقد جمع الشريف الرضي أشعاره الجيدة على حدة في ديوان مفرد ورثاه حين توفي هو وغيره من الشعراء.
عبد العزيز بن أحمد بن الحسن الجزري القاضي بالحرم وحريم دار الخلافة وغير ذلك من الجهات، وكان ظاهريا على مذهب داود، وكان لطيفا، تحاكم إليه وكيلان فبكى أحدهما في أثناء الخصومة فقال له القاضي: أرني وكالتك، فناوله فقرأها ثم قاله له: لم يجعل إليك أن تبكي عنه. فاستضحك الناس ونهض الوكيل خجلا.
عيسى بن الوزير علي بن عيسى ابن داود بن الجراح، أبو القاسم البغدادي، وكان أبوه من كبار الوزراء، وكتب هو للطائع أيضا، وسمع الحديث الكثير، وكان صحيح السماع كثير العلوم، وكان عارفا بالمنطق وعلم الأوائل فاتهموه بشئ من مذهب الفلاسفة، ومن جيد شعره قوله:
رب ميت قد صار بالعلم حيا * ومبقي قد مات جهلا وغيا فاقتنوا العلم كي تنالوا خلودا * لا تعدوا الحياة في الجهل شيا ولد في سنة ثنتين وثلاثمائة وتوفي في هذه السنة عن تسع وثمانين سنة، ودفن في داره ببغداد.
.