منها أموال جزيلة. وأما قسام التراب هذا - وهو من بني الحارث بن كعب من اليمن - فإنه أقام بالشام فسد خللها وقام بمصالحها مدة سنين عديدة، وكان مجلسه بالجامع يجتمع الناس إليه فيأمرهم وينهاهم فيمتثلون ما يأمر به. قال ابن عساكر: أصله من قرية تلفيتا، وكان ترابا. قلت والعامة يسمونه قسيم الزبال، وإنما هو قسام، ولم يكن زبالا بل ترابا من قرية تلفيتا بالقرب من قرية منين، وكان بدو أمره أنه انتمى إلى رجل من أحداث أهل دمشق يقال له أحمد بن المسطان (1)، فكان من حزبه ثم استحوذ على الأمور وغلب على الولاة والامراء إلى أن قدم بلكتكين التركي من مصر في يوم الخميس السابع عشر من المحرم سنة ست وسبعين وثلاثمائة، فأخذها منه واختفى قسام التراب مدة ثم ظهر فأخذه أسيرا وأرسله مقيدا إلى الديار المصرية فأطلق وأحسن إليه وأقام بها مكرما.
وممن توفي فيها من الأعيان...
العقيقي صاحب الحمام والدار المنسوبتين إليه بدمشق بمحلة باب البريد، واسمه أحمد بن الحسن العقيقي بن ضعقن بن عبد الله بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الشريف أبو القاسم الحسين العقيقي، قال ابن عساكر: كان من وجوه الاشراف بدمشق وإليه تنسب الدار والحمام بمحلة باب البريد. وذكر أنه توفي يوم الثلاثاء لأربع خلون من جمادى الأولى منها، وأنه دفن من الغد وأغلقت البلد لأجل جنازته، وحضرها نكجور (2) وأصحابه - يعني نائب دمشق - ودفن خارج باب الصغير. قلت: وقد اشترى الملك الظاهر بيبرس داره وبناها مدرسة ودار حديث وتربة وبها قبره، وذلك في حدود سنة سبعين ستمائة كما سيأتي بيانه.
أحمد بن جعفر ابن مالك بن شبيب بن عبد الله بن أبو بكر بن مالك القطيعي - من قطيعة الدقيق ببغداد - راوي مسند أحمد عن ابنه عبد الله، وقد روى عنه غير ذلك من مصنفات أحمد، وحدث عن غيره من المشايخ، وكان ثقة كثير الحديث، حدث عنه الدارقطني وابن شاهين والبرقاني وأبو نعيم الحاكم، ولم يمتنع أحد من الرواية عنه ولا التفتوا إلى ما طعن عليه بعضهم وتكلم فيه، بسبب غرق كتبه حين غرقت القطيعة بالماء الأسود، فاستحدث بعضها من نسخ أخرى، وهذا ليس بشئ، لأنها قد تكون معارضة على كتبه التي غرقت والله أعلم. ويقال إنه تغير في آخر عمره فكان لا يدري ما جرى عليه، وقد جاوز التسعين.
.