رأسه إلى المعتز فدخل به عليه وهو يلعب بالشطرنج، فقيل هذا رأس المخلوع. فقال: ضعوه حتى أفرغ من الدست. فلما فرغ نظر إليه وأمر بدفنه، ثم أمر لسعيد بن صالح الذي قتله بخمسين ألف درهم، وولاه معونة البصرة وفيها مات إسماعيل بن يوسف العلوي الذي فعل بمكة ما فعل كما تقدم من إلحاده في الحرم، فأهلكه الله في هذه السنة عاجلا ولم ينظره. وفيها مات أحمد بن محمد المعتصم وهو المستعين بالله كما تقدم. وإسحاق بن بهلول (1)، وزياد بن أيوب (2)، ومحمد بن بشار بندار (3).
وموسى بن المثنى الزمن (4). ويعقوب بن إبراهيم الدورقي (5).
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ومائتين في رجب منها عقد المعتز لموسى بن بغا الكبير على جيش قريب من أربعة آلاف ليذهبوا إلى قتال عبد العزيز بن أبي دلف بناحية همذان، لأنه خرج عن الطاعة وهو في نحو من عشرين ألفا بناحية همذان، فهزموا عبد العزيز في أواخر هذه السنة هزيمة فظيعة، ثم كانت بينهما وقعة أخرى في رمضان عند الكرج فهزم عبد العزيز أيضا وقتل من أصحابه بشر كثير، وأسروا ذراري كثيرة حتى أسروا أم عبد العزيز أيضا، وبعثوا إلى المعتز سبعين حملا من الرؤوس وأعلاما كثيرة، وأخذ من عبد العزيز ما كان استحوذ عليه من البلاد. وفي رمضان منها خلع على بغا الشرابي وألبسه التاج والوشاحين. وفي يوم عيد الفطر كانت وقعة هائلة عند مكان يقال له البوازيج، وذلك أن رجلا يقال له مساور بن عبد الحميد حكم فيها والتف عليه نحو من سبعمائة من الخوارج، فقصد له رجل يقال له بندار الطبري في ثلاثمائة من أصحابه، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل من الخوارج نحو من خمسين رجلا. وقتل أصحاب بندار مائتان وقيل وخمسون رجلا. وقتل بندار فيمن قتل رحمه الله. ثم صمد مساور إلى حلوان فقاتله أهلها وأعانهم حجاج أهل خراسان فقتل مساور منهم نحوا من أربعمائة قبحه الله.
وقتل من جماعته كثيرون أيضا. ولثلاث بقين من شوال قتل وصيف التركي وأرادت العامة نهب داره في سامرا ودور أولاده فلم يمكنهم ذلك، وجعل الخليفة ما كان إليه إلى بغا الشرابي. وفي ليلة أربع عشرة من ذي القعدة من هذه السنة خسف القمر حتى غاب أكثره وغرق نوره، وعند انتهاء خسوفه .