عن أبي يوسف القدسي أنه قال: صنف أبو الحسن بن المنادي في علوم القرآن أربعمائة كتاب، ونيفا وأربعين كتابا ولا يوجد في كلامه حشو، بل هو نقي الكلام جمع بين الرواية والدراية. وقال ابن الجوزي: ومن وقف على مصنفاته علم فضله واطلاعه ووقف على فوائد لا توجد في غير كتبه. توفي في محرم من هذه السنة عن ثمانين سنة (1).
الصولي محمد بن عبد الله بن العباس ابن محمد صول أبو بكر الصولي، كان أحد العلماء بفنون الأدب وحسن المعرفة بأخبار الملوك.
وأيام الخلفاء ومآثر الاشراف وطبقات الشعراء. روى عن أبي داود السجستاني والمبرد وثعلب وأبي العيناء وغيرهم. وكان واسع الرواية جيد الحفظ حاذقا بتصنيف الكتب. وله كتب كثيرة هائلة، ونادم جماعة من الخلفاء، وحظي عندهم، وكان جده صول وأهله ملوكا بجرجان، ثم كان أولاده من كبار الكتاب، وكان الصولي هذا جيد الاعتقاد حسن الطريقة، وله شعر حسن، وقد روى عنه الدارقطني وغيره من الحفاظ ومن شعره قوله:
أحببت من أجله من كان يشبهه * وكل شئ من المعشوق معشوق حتى حكيت بجسمي ماء مقلته * كأن سقمي من عينيه مسروق خرج الصولي من بغداد إلى البصرة لحاجة لحقته فمات بها في هذه السنة.
وفيها كانت وفاة أبنة الشيخ أبي الزاهد المكي، وكانت من العابدات الناسكات المقيمات بمكة، وكانت تقتات من كسب أبيها من عمل الخوص، في كل سنة ثلاثين درهما يرسلها إليها، فاتفق أنه أرسلها مرة مع بعض أصحابه فزاد عليها ذلك الرجل عشرين درهما - يريد بذلك برها وزيادة في نفقتها - فلما اختبرتها قالت: هل وضعت في هذه الدراهم شيئا من مالك؟ أصدقني بحق الذي حججت له. فقال: نعم عشرين درهما. فقالت: ارجع بها لا حاجة لي فيها، ولولا أنك قصدت الخير لدعوت الله عليك، فإنك قد أجعتني عامي هذا، ولم يبق لي رزق إلا من المزابل إلى قابل. فقال: خذي منها الثلاثين التي أرسل بها أبوك إليك ودعي العشرين. فقالت: لا، إنها اختلطت بمالك ولا أدري ما هو. قال الرجل: فرجعت بها إلى أبيها فأبى أن يقبلها وقال: شققت يا هذا علي وضيقت عليها، ولكن اذهب فتصدق بها.
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة فيها ركب معز الدولة من بغداد إلى الموصل فانهزم منه ناصر الدولة إلى نصيبين، فتملك معز .