أبو الحسن بن بسام الشاعر واسمه علي بن أحمد (1) بن منصور (2) بن نصر بن بسام البسامي الشاعر المطبق للهجاء، فلم يترك أحدا حتى هجاه، حتى أباه وأمه أمامة بنت حمدون النديم. وقد أورد له ابن خلكان أشياء كثيرة من شعره، فمن ذلك قوله في تخريب المتوكل قبر الحسين بن علي وأمره بأن يزرع ويمحى رسمه، وكان شديد التحامل على علي وولده. فلما وقع ما ذكرناه في سنة ست وثلاثين ومائتين. قال ابن بسام هذا في ذلك:
تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله * هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما ثم دخلت سنة أربع وثلاثمائة فيها (3) عزل المقتدر وزيره أبا الحسن علي بن عيسى بن الجراح، وذلك لأنه وقعت بينه وبين أم موسى القهرمانة نفرة شديدة، فسأل الوزير أن يعفى من الوزارة فعزل ولم يتعرضوا لشئ من أملاكه. وطلب أبو الحسن بن الفرات فأعيد إلى الوزارة بعد عزله عنها خمس سنين، وخلع عليه الخليفة يوم التروية سبع خلع، وأطلق إليه ثلاثمائة ألف درهم، وعشرة تخوت ثياب، ومن الخيل والبغال والجمال شئ كثير، وأقطع الدار التي بالحريم فسكنها، وعمل فيها ضيافة تلك الليلة فسقى فيها أربعين ألف رطل من الثلج، وفي نصف هذه السنة اشتهر ببغداد أن حيوانا يقال له الزرنب (4) يطوف بالليل يأكل الأطفال من الأسرة ويعدو على النيام فربما قطع يد الرجل وثدي المرأة وهو نائم.
فجعل الناس يضربون على أسطحتهم على النحاس من الهواوين وغيرها ينفرونه عنهم، حتى كانت بغداد بالليل ترتج من شرقها وغربها، واصطنع الناس لأولادهم مكبات من السعف وغيرها، واغتنمت اللصوص هذه الشوشة فكثرت النقوب وأخذت الأموال، فأمر الخليفة بأن يؤخذ حيوان من كلاب الماء فيصلب على الجسر ليسكن الناس عن ذلك، ففعلوا فسكن الناس ورجعوا إلى أنفسهم، واستراح الناس من ذلك. وفيها قلد ثابت بن سنان الطبيب أمر المارستان ببغداد في هذه السنة، وكانت خمسا، وكان هذا الطبيب مؤرخا. وفيها ورد كتاب من خراسان بأنهم وجدوا قبور .