لسانه (1)، فسأله سبكتكين أن يخلع نفسه ويولي من بعده ولده الطائع، فأجاب إلى ذلك فعقدت البيعة للطائع بدار الخلافة على يدي الحاجب سبكتكين، وخلع أبو ه المطيع بعد تسع وعشرين سنة (2) كانت له في الخلافة، ولكن تعوض بولاية ولده. واسم الطائع أبو بكر عبد الكريم بن المطيع أبي القاسم، ولم يل الخلافة من اسمه عبد الكريم سواه، ولا من أبوه حي سواه، ولا من كنيته أبو بكر سواه وسوى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولم يل الخلافة، من بني العباس أسن منه، كان عمره لما تولى ثمانيا وأربعين سنة، وكانت أمه أم ولد اسمها غيث (3)، تعيش يوم ولي. ولما بويع ركب وعليه البردة وبين يديه سبكتكين والجيش، ثم خلع من الغد على سبكتكين خلع الملوك ولقبه ناصر الدولة، وعقد له الامارة. ولما كان يوم الأضحى ركب الطائع وعليه السواد، فخطب الناس بعد الصلاة خطبة خفيفة حسنة. وحكى ابن الجوزي في منتظمه أن المطيع لله كان يسمى بعد خلعه بالشيخ الفاضل.
الحرب بين المعز الفاطمي والحسين (4) لما استقر المعز الفاطمي بالديار المصرية وابتنى فيها القاهرة والقصرين وتأكد ملكه، سار إليه الحسين بن أحمد القرمطي من الأحساء في جمع كثيف من أصحابه، والتف معه أمير العرب ببلاد الشام وهو حسان بن الجراح الطائي، في عرب الشام بكمالهم، فلما سمع بهم المعز الفاطمي أسقط في يده لكثرتهم، وكتب إلى القرمطي يستميله ويقول: إنما دعوة آبائك كانت إلى آبائي قديما، فدعوتنا واحدة، ويذكر فيه فضله وفضل آبائه، فرد عليه الجواب: وصل كتابك الذي كثر تفضيله وقل تحصيله ونحن سائرون إليه على إثره والسلام. فلما انتهوا إلى ديار مصر عاثوا فيها قتلا ونهبا وفسادا وحار لمعز فيما يصنع وضعف جيشه عن مقاومتهم، فعدل إلى المكيدة والخديعة، فراسل حسان بن الجراح أمير العرب ووعده بمائة ألف دينار إن هو خذل بين الناس، فبعث إليه حسان يقول أن ابعث إلى بما التزمت وتعالى بمن معك، فإذا لقيتنا انهزمت بمن معي فلا يبقى للقرمطي قوة فتأخذه كيف شئت. فأرسل إليه بمائة ألف دينار في أكياسها، ولكن أكثرها زغل ضرب النحاس وألبسه ذهبا وجعله في أسفل الأكياس، وجعل في رؤوسها الدنانير الخالصة، ولما بعثها إليه ركب في إثرها في جيشه .