والله أنا فلان، فعرفوا صوته فلما رأوه فرحوا به فرحا شديدا وأبدل الله حزنهم سرورا. ثم ذكر لهم ما كان من أمره وأمر النباش. وكأنه قد أصابته سكتة ولم يكن قد مات حقيقة فقدر الله بحوله وقوته أن بعث له هذا النباش ففتح عليه قبره، فكان ذلك سبب حياته، فعاش بعد ذلك عدة سنين، ثم كانت وفاته في هذه السنة.
فاطمة القهرمانة غضب عليها المقتدر مرة فصادرها، وكان في جملة ما أخذ منها مائتي ألف دينار ثم غرقت في طيارة لها في هذه السنة.
ثم دخلت سنة ثلاثمائة من الهجرة فيها كثر ماء دجلة وتراكمت الأمطار ببغداد، وتناثرت نجوم كثيرة في ليلة الأربعاء لسبع بقين من جمادى الآخرة. وفيها كثرت الأمراض ببغداد والاسقام وكلبت الكلاب حتى الذئاب بالبادية.
وكانت تقصد الناس بالنهار فمن عضته أكلبته (1). وفيها انحسر جبل بالدينور يعرف بالتل فخرج من تحته ماء عظيم غرق عدة من القرى. وفيها سقطت شرذمة - أي قطعة - من جبل لبنان إلى البحر.
وفيها حملت بغلة ووضعت مهرة، وفيها صلب الحسين بن منصور الحلاج وهو حي أربعة أيام، يومين في الجانب الشرقي، ويومين في الجانب الغربي، وذلك في ربيع الأول منها. وحج بالناس أمير الحجيج المتقدم ذكره في السنين قبلها وهو الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي أثابه الله وتقبل منه.
وفيها توفي من الأعيان:
الأحوص بن الفضل ابن معاوية بن خالد بن غسان أبو أمية الغلابي القاضي بالبصرة وغيرها، روى عن أبيه التاريخ، استتر مرة عنده ابن الفرات فلما أعيد إلى الوزارة ولاه قضاء البصرة والأهواز وواسط. وكان عفيفا نزها، فلما نكب ابن الفرات قبض عليه نائب البصرة فأودعه السجن فلم يزل به حتى مات فيه فيها. قال ابن الجوزي: ولا نعلم قاضيا مات في السجن سواه.
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر ابن الحسين بن مصعب أبو أحمد الخزاعي، ولي إمرة بغداد. وحدث عن الزبير بن بكار وعنه .