أبو محمد جعفر (1) المرتعش أحد مشايخ الصوفية، كذا ذكره الخطيب. وقال أبو عبد الرحمن السلمي اسمه عبد الله بن محمد أبو محمد النيسابوري، كان من ذوي الأموال فتخلى منها وصحب الجنيد وأبا حفص وأبا عثمان، وأقام ببغداد حتى صار شيخ الصوفية، فكان يقال عجائب بغداد: إشارات الشبلي، ونكت المرتعش، وحكايات جعفر الخواص. سمعت أبا جعفر (2) الصائغ يقول قال المرتعش: من ظن أن أفعاله تنجيه من النار أو تبلغه الرضوان فقد جعل لنفسه وفعله خطرا، ومن اعتمد على فضل الله بلغه الله أقصى منازل الرضوان وقيل للمرتعش: إن فلانا يمشي على الماء. فقال: إن مخالفة الهوى أعظم من المشي على الماء، والطيران في الهواء. ولما حضرته الوفاة بمسجد الشونيزية حسبوا ما عليه من الدين فإذا عليه سبعة عشر درهما، فقال: بيعوا خريقاتي هذه واقضوا بها ديني، وأرجو من الله تعالى أن يرزقني كفنا. وقد سألت الله ثلاثا: أن يميتني فقيرا، وأن يجعل وفاتي في هذا المسجد فإني صحبت فيه أقواما، وأن يجعل عندي من آنس به وأحبه. ثم أغمض عينيه ومات.
أبو سعيد الإصطخري الحسن بن أحمد ابن يزيد بن عيسى بن الفضل بن يسار، أبو سعيد الإصطخري أحد أئمة الشافعية، كان زاهدا ناسكا عابدا، ولي القضاء بقم، ثم حسبة بغداد، فكان يدور بها ويصلي على بغلته، وهو دائر بين الأزقة، وكان متقللا جدا. وقد ذكرنا ترجمته في طبقات الشافعية، وله كتاب القضاء لم يصنف مثله في بابه، توفي وقد قارب التسعين (3) رحمه الله.
علي بن محمد أبو الحسن المزين الصغير أحد مشايخ الصوفية، أصله من بغداد، وصحب الجنيد وسهلا التستري، وجاور بمكة حتى توفي في هذه السنة، وكان يحكي عن نفسه قال: وردت بئرا في أرض تبوك فلما دنوت منها زلقت فسقطت في البئر، وليس أحد يراني. فلما كنت في أسفله إذا فيه مصطبة فتعلقت بها وقلت: إن مت لم أفسد على الناس الماء، وسكنت نفسي وطابت للموت، فبينا أنا كذلك إذا أفعى قد تدلت علي .