بويه، حين قدم عليه بغداد، فساقه بإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم " أن جبريل كان ينزل عليه في مثل صورة ذلك الأمير ". فأجازه وأعطاه دراهم كثيرة. والعجب إن كان هذا صحيحا كيف راج على أحد ممن له أدنى فهم وعقل، وقد أرخ ابن الجوزي وفاته في هذه السنة، وقد قيل إنه توفي سنة تسع وستين.
وفيها توفي...
الخطيب بن نباته الحذاء (1) في بطن من قضاعة، وقيل إياد الفارقي خطيب حلب في أيام سيف الدولة بن حمدان، ولهذا أكثر ديوانه الخطب الجهادية، ولم يسبق إلى مثل ديوانه هذا، ولا يلحق إلا أن يشاء الله شيئا، لأنه كان فصيحا بليغا دينا ورعا، روى الشيخ تاج الدين الكندي عنه أنه خطب يوم جمعة بخطبة المنام ثم رأى ليلة السبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه بين المقابر، فلما أقبل عليه قال: له: مرحبا بخطيب الخطباء، ثم أومأ إلى قبور هناك فقال لابن نباتة: كأنهم لم يكونوا للعيون قرة، ولم يعدوا في الاحياء مرة، أبادهم الذي خلقهم، وأسكتهم الذي أنطقهم، وسيجدهم كما أخلقهم، ويجمعهم كما فرقهم، فتم الكلام ابن نباتة حتى انتهى إلى قوله (يوم تكونوا شهداء على الناس - وأشار إلى الصحابة الذين مع الرسول - ويكون الرسول عليكم شهيدا) [البقرة: 143] وأشار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أحسنت أحسنت أدنه أدنه، فقبل وجهه وتفل في فيه وقال: وفقك الله.
فاستيقظ وبه من السرور أمر كبير، وعلى وجهه بهاء ونور، ولم يعش بعد ذلك إلا سبعة عشر يوما لم يستطعم بطعام، وكان يوجد منه مثل رائحة المسك حتى مات رحمه الله. قال ابن الأزرق الفارقي:
ولد ابن نباتة في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وتوفي في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. حكاه ابن خلكان.
ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلاثمائة فيها خلع الخليفة على صمصامة الدولة وسوره وطوقه وأركب على فرس بسرج ذهب، وبين يديه جنيب مثله، وفيها ورد الخبر بأن اثنين من سادة القرامطة وهما إسحاق وجعفر، دخلا الكوفة في حفل عظيم فانزعجت النفوس بسبب ذلك، وذلك لصرامتهما وشجاعتهما، ولأن عضد الدولة مع شجاعته كان يصانعهما، وأقطعهما أراضي من أراضي واسط، وكذلك عز الدولة من قبله أيضا.
فجهز إليهما صمصامة جيشا فطردهما عن تلك النواحي التي قد أكثروا فيها الفساد، وبطل ما كان في .