بكماله، وفي ذي الحجة منها مرض المقتدر ثلاث عشر يوما، ولم يمرض في خلافته مع طولها إلا هذه المرضة. وحج بالناس فيها الفضل الهاشمي، ولما خاف الوزير على الحجاج القرامطة كتب إليهم رسالة ليشغلهم بها، فاتهمه بعض الكتاب بمراسلته القرامطة، فلما انكشف أمره وما قصده حظي بذلك عند الناس جدا.
وممن توفي من الأعيان..
النسائي أحمد بن علي ابن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي صاحب السنن، الامام في عصره والمقدم على أضرابه وأشكاله وفضلاء دهره، رحل إلى الآفاق، واشتغل بسماع الحديث والاجتماع بالأئمة الحذاق، ومشايخه الذين روى عنهم مشافهة. قد ذكرناهم في كتابنا التكميل وترجمناه أيضا هنالك، وروى عنه خلق كثير، وقد جمع السنن الكبير، وانتخب منه ما هو أقل حجما منه بمرات. وقد وقع لي سماعهما. وقد أبان في تصنيفه عن حفظ وإتقان وصدق وإيمان وعلم وعرفان. قال الحاكم عن الدارقطني: أبو عبد الرحمن النسائي مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره، وكان يسمي كتابه الصحيح. وقال أبو علي الحافظ: للنسائي شرط في الرجل أشد من شرط مسلم بن الحجاج، وكان من أئمة المسلمين. وقال أيضا: هو الامام في الحديث بلا مدافعة. وقال أبو الحسين محمد بن مظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يعترفون له بالتقدم والإمامة، ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ومواظبته على الحج والجهاد. وقال غيره: كان يصوم يوما ويفطر يوما، وكان له أربع زوجات وسريتان، وكان كثير الجماع، حسن الوجه مشرق اللون. قالوا: وكان يقسم للاماء كما يقسم للحرائر. وقال الدارقطني: كان أبو بكر بن الحداد كثير الحديث ولم يرو عن أحد سوى النسائي وقال: رضيت به حجة فيما بيني وبين الله عز وجل. وقال ابن يونس: كان النسائي إماما في الحديث ثقة ثبتا حافظا، كان خروجه من مصر في سنة ثنتين وثلاثمائة. وقال ابن عدي: سمعت منصورا الفقيه وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي يقولان: أبو عبد الرحمن النسائي إمام من أئمة المسلمين، وكذلك أثنى عليه غير واحد من الأئمة وشهدوا له بالفضل والتقدم في هذا الشأن. وقد ولي الحكم بمدينة حمص. سمعته من شيخنا المزي عن رواية الطبراني في معجمه الأوسط حيث قال: حدثنا أحمد بن شعيب الحاكم بحمص. وذكروا أنه كان له من النساء أربع نسوة، وكان في غاية الحسن، وجهه كأنه قنديل، وكان يأكل في كل يوم ديكا ويشرب عليه نقيع الزبيب الحلال، وقد قيل عنه: إنه كان ينسب إليه شئ من التشيع.
قالوا: ودخل إلى دمشق فسأله أهلها أن يحدثهم بشئ من فضائل معاوية فقال: أما يكفي معاوية أن يذهب رأسا برأس حتى يروى له فضائل؟ فقاموا إليه فجعلوا يطعنون في خصيتيه (1) حتى أخرج من .