أكثرهم. وفيها التقى أسطول المسلمين وأسطول الروم ببلاد صقلية فاقتتلوا فقتل من المسلمين خلق كثير إنا لله وإنا إليه راجعون. وفيها حارب لؤلؤ غلام ابن طولون لموسى بن أتامش فكسره لؤلؤ وأسره وبعث به إلى مولاه أحمد بن طولون، وهو إذ ذاك نائب الشام ومصر وإفريقية من جهة الخليفة، ثم اقتتل لؤلؤ هذا وطائفة من الروم فقتل من الروم خلقا كثيرا. قال ابن الأثير: وفيها اشتد الحال وضاق الناس ذرعا بكثرة الهياج والفتن وتغلب القواد والأجناد على كثير من البلاد بسبب ضعف منصب الخلافة واشتغال أخيه أبي أحمد بقتال الزنج. وفيها اشتد الحر في تشرين الثاني جدا ثم قوي به البرد حتى جمد الماء.
وفيها توفي من الأعيان إبراهيم بن رومة (1). وصالح بن الإمام أحمد بن حنبل قاضي أصبهان.
ومحمد بن شجاع البلخي أحد عباد الجهمية. ومحمد بن عبد الملك الدقيقي (2).
ثم دخلت سنة سبع وستين ومائتين فيها وجه أبو أحمد الموفق ولده أبا العباس في نحو من عشرة آلاف فارس وراجل في أحسن هيئة وأكمل تجمل لقتال الزنج، فساروا نحوهم فكان بينهم وبينهم من القتال والنزال في أوقات متعددات ووقعات مشهورات ما يطول بسطه، وقد استقصاه ابن جرير في تاريخه مبسوطا مطولا. وحاصل ذلك أنه آل الحال أن استحوذ أبو العباس بن الموفق على ما كان استولى عليه الزنج ببلاد واسط وأراضي دجلة، هذا وهو شاب حدث لا خبرة له بالحرب، ولكن سلمه الله وغنمه وأعلى كلمته وسدد رميته وأجاب دعوته وفتح على يديه وأسبغ نعمه عليه، وهذا الشاب هو الذي ولي الخلافة بعد عمه المعتمد كما سيأتي، ثم ركب أبو أحمد الموفق ناصر دين الله في بغداد في صفر منها في جيوش كثيفة فدخل واسط في ربيع الأول منها، فتلقاه ابنه وأخبره عن الجيوش الذين معه، وأنهم نصحوا وتحملوا من أعباء الجهاد، فخلع على الأمراء كلهم خلعا سنية، ثم سار بجميع الجيوش إلى صاحب الزنج وهو بالمدينة التي أنشأها وسماها المنيعة، فقاتل الزنج دونها قتالا شديدا فقهرهم ودخلها عنوة وهربوا منها، فبعث في آثارهم جيشا فلحقوهم إلى البطائح يقتلون ويأسرون، وغنم أبو أحمد من المنيعة شيئا كثيرا واستنقذ من النساء المسلمات خمسة آلاف امرأة، وأمر بإرسالهن إلى أهاليهن بواسط، وأمر بهدم سور البلد وبطم خندقها وجعلها بلقعا بعد ما كان للشر مجمعا.
ثم سار الموفق إلى المدينة التي لصاحب الزنج التي يقال لها المنصورة وبها سليمان بن جامع، فحاصروها وقاتلوه دونها فقتل خلق كثير من الفريقين، ورمى أبو العباس بن الموفق بسهم أحمد بن .