أحد الشعراء المشهورين وأهل الديانة المعتبرين. وله ديوان شعر فيه أشعار حسنة، وكان فيه تحامل على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان له خصوصية بالمتوكل ثم غضب عليه فنفاه إلى خراسان وأمر نائبه بها أن يضربه مجردا ففعل به ذلك، ومن مستجاد شعره:
بلاء ليس يعدله بلاء * عداوة غير ذي حسب ودين يبيحك منه عرضا لم يصنه * ويرتع منك في عرض مصون (1) قال ذلك في مروان بن أبي حفصة حين هجاه فقال في هجائه له:
لعمرك ما الجهم بن بدر بشاعر * وهذا علي بعده يدعى الشعرا ولكن أبي قد كان جار لامه * فلما ادعى الاشعار أوهمني أمرا كان علي بن الجهم قد قدم الشام ثم عاد قاصدا العراق، فلما جاوز حلب (2) ثار عليه أناس من بني كلب فقاتلهم فجرح جرحا بليغا فكان فيه حتفه، فوجد في ثيابه رقعة مكتوب فيها:
يا رحمتا للغريب بالبلد * النازح ماذا بنفسه صنعا فارق أحبابه فما انتفعوا * بالعيش من بعده وما انتفعا (3) كانت وفاته لهذا السبب في هذه السنة.
ثم دخلت سنة خمسين ومائتين من الهجرة فيما كان ظهور أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين (4) بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه أم الحسين فاطمة بنت الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وذلك أنه أصابته فاقة شديدة فدخل سامرا فسأل وصيفا أن يجري عليه رزقا فأغلظ له القول. فرجع إلى أرض الكوفة فاجتمع عليه خلق من الاعراب، وخرج إليه خلق من أهل الكوفة، فنزل على الفلوجة وقد كثر الجمع معه، فكتب محمد بن عبد الله بن طاهر نائب العراق إلى عامله بالكوفة - وهو أبو أيوب بن الحسن بن موسى بن جعفر بن سليمان - يأمره بقتاله.
ودخل يحيى بن عمر قبل ذلك في طائفة من أصحابه إلى الكوفة فاحتوى على بيت مالها فلم يجد فيه سوى ألفي دينار وسبعين ألف درهم، وظهر أمره بالكوفة وفتح السجنين وأطلق من فيهما، وأخرج نواب الخليفة منها وأخذ أموالهم واستحوذ عليها، واستحكم أمره بها، والتف عليه خلق .