وما كان إلا مثل بدر أصابه * كسوف قليل ثم أجلى عن البدر سلامته للدين عز وقوة * وعلته للدين قاصم الظهر مرضت فأمرضت البرية كلها * وأظلمت الأمصار من شدة الذعر فلما استبان الناس منك إفاقة * أفاقوا وكانوا كالنيام على الجمر سلامة دنيانا سلامة جعفر * فدام معافا سالما آخر الدهر إمام أعم الناس بالفضل والندا * قريبا من التقوى بعيدا من الوزر ولها أشعار كثيرة رائعة ومولدها في سنة إحدى وثمانين ومائة وماتت في سنة سبع وسبعين ومائتين بسر من رأى، ولها ست وتسعون سنة.
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين ومائتين قال ابن الجوزي: في المحرم منها طلع نجم ذو جمة ثم صارت الجمة ذؤابة. قال: وفي هذه السنة غار ماء النيل وهذا شئ لم يعهد مثله ولا بلغنا في الاخبار السالفة. فغلت الأسعار بسبب ذلك جدا. وفيها خلع على عبد الله (1) بن سليمان بالوزارة. وفي المحرم منها قدم الموفق من الغزو فتلقاه الناس إلى النهروان فدخل بغداد وهو مريض بالنقرس فاستمر في داره في أوائل صفر، ومات بعد أيام. قال: وفيها تحركت القرامطة وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك، وكانا يبيحان المحرمات. ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل، وأكثر ما يفسدون من جهة الرافضة ويدخلون إلى الباطل من جهتهم، لأنهم أقل الناس عقولا، ويقال لهم الإسماعيلية، لانتسابهم إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق. ويقال لهم القرامطة، قيل نسبة إلى قرمط (2) بن الأشعث البقار، وقيل إن رئيسهم كان في أول دعوته يأمر من اتبعه بخمسين صلاة في كل يوم وليلة لشغلهم بذلك عما يريد تدبيره من المكيدة. ثم اتخذ نقباء اثنى عشر، وأسس لاتباعه دعوة ومسلكا يسلكونه ودعا إلى إمام أهل البيت، ويقال لهم الباطنية لأنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض، والخرمية والبابكية نسبة إلى بابك الخرمي الذي ظهر في أيام المعتصم وقتل كما تقدم ويقال لهم المحمرة نسبة إلى صبغ الحمرة شعار مضاهاة لبني العباس ومخالفة لهم، لان بني العباس يلبسون السواد. ويقال لهم التعليمية نسبة إلى التعلم من الامام المعصوم. وترك الرأي ومقتضى العقل. ويقال لهم السبعية نسبة إلى القول بأن الكواكب السبعة المتحيزة السائر مدبرة لهذا العالم فيما يزعمون لعنهم الله. وهي القمر في الأولى، وعطارد في الثانية، والزهرة في الثالثة، والشمس في .