بدر غلام المعتضد رأس الجيش كان القاسم الوزير قد عزم على أن يصرف الخلافة عن أولاد المعتضد وفاوض بذلك بدرا هذا فامتنع عليه وأبى، فلما ولي المكتفي بن المعتضد خاف الوزير غائلة ذلك فحسن الوزير للمكتفي قتل بدر هذا، فبعث المكتفي فاحتاط على حواصله وأمواله وهو بواسط، وبعث الوزير إليه بالأمان، فلما قدم بدر بعث إليه من قتله يوم الجمعة لست خلون من رمضان من هذه السنة، ثم قطع رأسه وبقيت جثته أخذها أهله فبعثوا بها إلى مكة في تابوت فدفن بها، لأنه أوصى بذلك وكان قد أعتق كل مملوك له قبل وفاته. وحين أرادوا قتله صلى ركعتين رحمه الله.
الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن الفهم بن محرز بن إبراهيم الحافظ البغدادي، سمع خلف بن هشام ويحيى بن معين ومحمد بن سعد وغيرهم، وعنه الحنطبي والطوماري، وكان عسرا في التحديث إلا لمن لازمه، وكانت له معرفة جيدة بالاخبار والنسب والشعر وأسماء الرجال، يميل إلى مذهب العراقيين في الفقه، قال عنه الدارقطني: ليس بالقوي. عمارة بن وثيمة بن موسى أبو رفاعة الفارسي صاحب التاريخ على السنن، ولد بمصر وحدث عن أبي صالح كاتب الليث وغيره.
عمرو (1) بن الليث الصفار أحد الأمراء الكبار، قتل في السجن أول ما قدم المكتفي بغداد.
ثم دخلت سنة تسعين ومائتين فيها أقبل يحيى بن زكرويه بن مهرويه أبو قاسم القرمطي المعروف بالشيخ في جحافله فعاث بناحية الرقة فسادا فجهز إليه الخليفة جيشا نحو عشرة آلاف فارس. وفيها ركب الخليفة من بغداد إلى سامرا يريد الإقامة بها فثنى رأيه عن ذلك الوزير فرجع إلى بغداد. وفيها قتل يحيى بن زكرويه على باب دمشق زرقه رجل من المغاربة بمزراق نار فقتله، ففرح الناس بقتله، وتمكن منه المزراق فأحرقه، وكان هذا المغربي من جملة جيش المصريين، فقام بأمر القرامطة من بعده أخوه الحسين وتسمى بأحمد وتكنى بأبي العباس وتلقب بأمير المؤمنين، وأطاعه القرامطة، فحاصر دمشق فصالحه أهلها على مال، ثم سار إلى حمص فافتتحها وخطب له على منابرها، ثم سار إلى حماه ومعرة النعمان فقهر أهل تلك النواحي واستباح أموالهم وحريمهم، وكان يقتل الدواب والصبيان في المكاتب، ويبيح لمن معه وطئ النساء، فربما وطئ الواحدة الجماعة الكثيرة من الرجال، فإذا ولدت ولدا هنأ به كل واحد منهم الآخر، فكتب أهل الشام إلى الخليفة ما يلقون من هذا اللعين، فجهز إليهم جيوشا كثيفة، وأنفق فيهم أموالا جزيلة وركب في رمضان فنزل الرقة وبث الجيوش في كل جانب لقتال القرامطة وكان القرمطي هذا يكتب إلى أصحابه: " من عبد الله المهدي أحمد بن عبد الله المهدي المنصور الناصر لدين الله القائم .