ثم دخلت سنة إحدى عشرة وثلاثمائة فيها دخل أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي أمير القرامطة في ألف وسبعمائة فارس إلى البصرة ليلا، نصب السلالم الشعر في سورها فدخلها قهرا وفتحوا أبوابها وقتلوا من لقوه من أهلها، وهرب أكثر الناس فألقوا أنفسهم في الماء فغرق كثير منهم، ومكث بها سبعة عشر يوما يقتل ويأسر من نسائها وذراريها، ويأخذ ما يختار من أموالها. ثم عاد إلى بلده هجر، كلما بعث إليه الخليفة جندا من قبله فر هاربا وترك البلد خاويا، إنا لله وإنا إليه راجعون. وفيها عزل المقتدر عن الوزارة حامد بن العباس وعلي بن عيسى وردها إلى أبي الحسن بن الفرات مرة ثالثة، وسلم إليه حامدا وعلي بن عيسى، فأما حامد فإن المحسن بن الوزير ضمنه من المقتدر بخمسمائة ألف ألف دينار، فتسلمه فعاقبه بأنواع العقوبات، وأخذ منه أموالا جزيلة لا تحصى ولا تعد كثرة، ثم أرسله مع موكلين عليه إلى واسط ليحتاطوا على أمواله، وحواصله هناك، وأمرهم أن يسقوه سما في الطريق فسقوه ذلك في بيض مشوي كان قد طلبه منهم، فمات في رمضان من هذه السنة. وأما علي بن عيسى فإنه صودر بثلاثمائة ألف دينار وصودر قوم آخرون من كتابه، فكان جملة ما أخذ من هؤلاء مع ما كان صودرت به القهرمانة من الذهب شيئا كثيرا جدا آلاف ألف من الدنانير، وغير ذلك من الأثاث والأملاك والدواب والآنية من الذهب والفضة. وأشار الوزير ابن الفرات على الخليفة المقتدر بالله أن يبعد عنه مؤنس الخادم إلى الشام - وكان قد قدم من بلاد الروم من الجهاد، وقد فتح شيئا كثيرا من حصون الروم وبلدانهم، وغنم مغانم كثيرة جدا - فأجابه إلى ذلك، فسأل مؤنس الخليفة أن ينظره إلى سلخ شهر رمضان، وكان مؤنس قد أعلم الخليفة بما يعتمده ابن الوزير من تعذيب الناس ومصادرتهم بالأموال، فأمر الخليفة مؤنسا بالخروج إلى الشام. وفيها كثر الجراد وأفسد كثيرا من الغلات. وفي رمضان منها أمر الخليفة برد ما فضل من المواريث على ذوي الأرحام. وفي رمضان أحرق بالنار على باب العامة مائتين وأربعة أعدال من كتب الزنادقة، منها ما كان صنفه الحلاج وغيره، فسقط منها ذهب كثيرا كانت محلاة به. وفيها اتخذ أبو الحسن بن الفرات الوزير مرستانا في درب الفضل وكان ينفق عليه من ماله في كل شهر مائتي دينار. وفيها توفي من الأعيان..
الخلال أحمد بن محمد بن هاون أبو بكر الخلال، صاحب الكتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد، ولم يصنف في مذهب الإمام أحمد مثل هذا الكتاب، وقد سمع الخلال الحديث من الحسن بن عرفة وسعدان بن نصر وغيرهما توفي يوم الجمعة قبل الصلاة ليومين مضتا من هذه السنة.
أبو محمد الجريري أحد أئمة الصوفية أحمد بن محمد بن الحسين أبو محمد الجريري أحد كبار الصوفية، صحب