عيسى على أن يكون مشرفا على ديار مصر وبلاد الشام، وهو مقيم بمكة يسير إلى تلك البلاد في بعض الأوقات فيعمل ما ينبغي ثم يرجع إلى مكة. وفيها توفي من الأعيان:
علي بن عبد الحميد بن عبد الله بن سليمان أبو الحسن الغضائري (1)، سمع القواريري وعباسا العنبري، وكان من العباد الثقات.
قال: جئت يوما إلى السري السقطي فدققت عليه بابه فخرج إلى ووضع يده على عضادتي الباب وهو يقول: اللهم اشغل من شغلني عنك بك. قال: فنالتني بركة هذه الدعوة فحججت على قدمي من حلب إلى مكة أربعين حجة ذاهبا وآيبا أبو العباس السراج الحافظ محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران بن عبد الله الثقفي مولاهم، أبو العباس السراج، أحد الأئمة الثقات الحفاظ، مولده سنة ثمان عشرة ومائتين، سمع قتيبة وإسحاق بن راهويه وخلقا كثيرا من أهل خراسان وبغداد والكوفة والبصرة والحجاز، وقد حدث عنه البخاري ومسلم، وهما أكبر منه وأقدم ميلادا ووفاة وله مصنفات كثيرة نافعة جدا، وكان يعد من مجابي الدعوة. وقد رأى في منامه كأنه يرقى في سلم فصعد فيه تسعا وتسعين درجة، فما أولها على أحد إلا قال له: تعيش تسعا وتسعين سنة، فكان كذلك. وقد ولد له ابنه أبو عمرو وعمره ثلاث وثمانون سنة. قال الحاكم:
فسمعت أبا عمرو يقول: كنت إذا دخلت المسجد على أبي والناس عنده يقول لهم: هذا عملته في ليلة ولي من العمر ثلاث وثمانون سنة.
ثم دخلت سنة أربع عشرة وثلاثمائة فيها كتب ملك الروم، وهو الدمستق لعنه الله، إلى أهل السواحل أن يحملوا إليه الخراج، فأبوا عليه فركب إليهم في جنوده في أول هذه السنة، فعاث في الأرض فسادا، ودخل ملطية فقتل من أهلها خلقا وأسر وأقام بها ستة عشر يوما، وجاء أهلها إلى بغداد يستنجدون الخليفة عليه. ووقع في بغداد حريق في مكانين، مات فيهما خلق كثير، وأحرق في أحدهما ألف دار ودكان، وجاءت الكتب بموت الدمستق ملك النصارى فقرئت الكتب على المنابر. وجاءت الكتب من مكة أنهم في غاية الانزعاج بسبب اقتراب القرامطة إليهم وقصدهم إياهم، فرحلوا منها إلى الطائف وتلك النواحي.
وفيها هبت ريح عظيمة بنصيبين اقتلعت أشجارا كثيرة وهدمت البيوت. قال ابن الجوزي: وفي يوم