وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله، حدثك محمد بن سلام، ثنا مخلد بن يزيد الحراني، حدثنا ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس فما علته؟ فقال البخاري: هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث، إلا أنه معلول ثنا به موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب، عن سهيل، عن عوز بن عبد الله قوله. قال البخاري: وهذا أولى فإنه لا يعرف لموسى بن عقبة سماع من سهيل. قلت: وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدة وأوردت فيه طرقه وألفاظه ومتنه وعلله.
قال الخطيب وقد كان مسلم يناضل عن البخاري. ثم ذكر ما وقع بين البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي في مسألة اللفظ بالقرآن في نيسابور، وكيف نودي على البخاري بسبب ذلك بنيسابور، وأن الذهلي قال يوما لأهل مجلسه وفيهم مسلم بن الحجاج: ألا من كان يقول بقول البخاري في مسألة اللفظ بالقرآن فليعتزل مجلسنا. فنهض مسلم من فوره إلى منزله، وجمع ما كان سمعه من الذهلي جميعه وأرسله إليه وترك الرواية عن الذهلي بالكلية فلم يرو عنه شيئا لا في صحيحه ولا في غيره، واستحكمت الوحشة بينهما. هذا ولم يترك البخاري محمد بن يحيى الذهلي بل روى عنه في صحيحه وغيره وعذره رحمه الله.
وقد ذكر الخطيب سبب موت مسلم رحمه الله أنه عقد مجلس للمذاكرة فسئل يوما عن حديث فلم يعرفه فانصرف إلى منزله فأوقد السراج وقال لأهله: لا يدحل أحد الليلة علي، وقد أهديت له سلة من تمر فهي عنده يأكل تمرة ويكشف عن حديث ثم يأكل أخرى ويكشف عن آخر، فلم يزل ذلك دأبه حتى أصبح وقد أكل تلك السلة وهو لا يشعر. فحصل له بسبب ذلك ثقل ومرض من ذلك حتى كانت وفاته عشبة يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور (1)، وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي، وهي سنة أربع ومائتين، فكان عمره سبعا (2) وخمسين سنة رحمه الله تعالى.
أبو زيد البسطامي اسمه طيفور بن عيسى (3) بن علي، أحد مشايخ الصوفية، وكان جده مجوسيا فأسلم، وكان لأبي يزيد أخوات صالحات عابدات، وهو أجلهم، وقيل لأبي يزيد: بأي شئ وصلت إلى المعرفة؟
فقال ببطن جائع وبدن عار. وكان يقول: دعوت نفسي إلى طاعة الله فلم تجبني فمنعتها الماء سنة، وقال إذا رأيت الرجل قد أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف .