من الجراد شئ كثير جدا، حتى بيع منه كل خمسين رطلا بالدرهم. فارتفق الناس به في الغلاء.
وفيها ورد كتاب ملك الروم إلى الخليفة يطلب منه منديلا بكنيسة الرها كان المسيح قد مسح بها وجهه فصارت صورة وجهه فيه، وأنه متى وصل هذا المنديل يبعث من الأسارى خلقا كثيرا. فأحضر الخليفة العلماء فاستشارهم في ذلك، فمن قائل نحن أحق بعيسى منهم، وفي بعثه إليهم عضاضة على المسلمين ووهن في الدين. فقال علي بن عيسى الوزير: يا أمير المؤمنين إنقاذ أسارى المسلمين من أيدي الكفار خير وأنفع للناس من بقاء ذلك المنديل بتلك الكنيسة. فأمر الخليفة بإرسال ذلك المنديل إليهم وتخليص أسرى المسلمين من أيديهم. قال الصولي: وفيها وصل الخبر بأن القرمطي ولد له مولود فأهدى إليه أبو عبد الله البريدي هدايا كثيرة، منها مهد من ذهب مرصع بالجواهر، وجلاله منسوج بالذهب محلى باليواقيت، وغير ذلك. وفيها كثر الرفض ببغداد فنودي بها من ذكر أحدا من الصحابة بسوء فقد برئت منه الذمة. وبعث الخليفة إلى عماد الدولة بن بويه خلعا فقبلها ولبسها بحضرة القضاة والأعيان. وفيها كانت وفاة السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل الساماني صاحب خراسان وما وراء النهر، وقد مرض قبل موته بالسل سنة وشهرا، واتخذ في داره بيتا سماه بيت العبادة، فكان يلبس ثيابا نظافا ويمشي إليه حافيا ويصلي فيه، ويتضرع ويكثر الصلاة. وكان يجتنب المنكرات والآثام إلى أن مات رحمه الله، فقام بالامر من بعده ولده نوح بن نصر الساماني، ولقب بالأمير الحميد. وقتل محمد بن أحمد النسفي، وكان قد طعن فيه عنده وصلبه.
وفيها توفي من الأعيان..
ثابت بن سنان بن قرة الصابي أبو سعيد الطبيب، أسلم علي يد القاهر بالله ولم يسلم ولده ولا أحد من أهل بيته، وقد كان مقدما في الطب وفي علوم أخر كثيرة. توفي في ذي القعدة منها بعلة الذرب ولم تغن عنه صناعته شيئا، حتى جاءه الموت. وما أحسن ما قال بعض الشعراء في ذلك:
قل للذي صنع الدواء بكفه * أترد مقدورا [عليك قد] جرى مات المداوي والمداوي والذي * صنع الدواء بكفه ومن اشترى وذكر ابن الجوزي في المنتظم وفاة الأشعري فيها وتكلم فيه وحط عليه كما جرت عادة الحنابلة يتكلمون في الأشعرية قديما وحديثا. وذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين، وتوفي في هذه السنة، وأنه صحب الجبائي أربعين سنة ثم رجع عنه، وتوفي ببغداد ودفن بمشرعة السرواني.
محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ابن الصلت السدوسي مولاهم أبو بكر، سمع جده وعباسا الدوري وغيرهما، وعنه أبو