لك في نسبه. قال ابن خلكان: والمحققون ينكرون دعواه في النسب. قلت: قد كتب غير واحد من الأئمة منهم الشيخ أبو حامد الأسفراييني والقاضي الباقلاني، والقدوري، أن هؤلاء أدعياء ليس لهم نسب صحيح فيما يزعمونه، وأن والد عبيد الله المهدي هذا كان يهوديا صباغا بسلمية، وقيل كان اسمه سعد، وإنما لقب بعبيد الله زوج أمه الحسين بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ميمون القداح، وسمي القداح لأنه كان كحالا يقدح العيون. وكان الذي وطأ له الامر بتلك البلاد أبو عبد الله الشيعي كما قدمنا ذلك، ثم استدعاه فلما قدم عليه من بلاد المشرق وقع في يد صاحب سجلماسة فسجنه، فلم يزل الشيعي يحتال له حتى استنقذه من يده وسلم إليه الامر، ثم ندم الشيعي على تسليمه الامر وأراد قتله، ففطن عبيد الله لما أراد به، فأرسل إلى الشيعي من قتله وقتل أخاه معه.
ويقال إن الشيعي لما دخل السجن الذي قد حبس فيه عبيد الله هذا وجد صاحب سجلماسة قد قتله، ووجد في السجن رجلا مجهولا محبوسا فأخرجه إلى الناس، لأنه كان قد أخبر الناس أن المهدي كان محبوسا في سجلماسة وأنه إنما يقاتل عليه، فقال للناس: هذا هو المهدي - وكان قد أوصاه أن لا يتكلم إلا بما يأمره به وإلا قتله - فراج أمره. فهذه قصته. وهؤلاء من سلالته والله أعلم. وكان مولد المهدي هذا في سنة ستين ومائتين، وقيل قبلها، وقيل بعدها، بسلمية، وقيل بالكوفة والله أعلم.
وأول ما دعي له على منابر رقادة والقيروان يوم الجمعة لسبع بقين من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين، بعد رجوعه من سجلماسة، وكان ظهوره بها في ذي الحجة من السنة الماضية - سنة ست وتسعين ومائتين - فلما ظهر زالت دولة بني العباس عن تلك الناحية من هذا الحين إلى أن ملك العاضد في سنة سبع وستين وخمسمائة. توفي بالمدينة المهدية التي بناها في أيامه للنصف من ربيع الأول منها، وقد جاوز الستين على المشهور، وسيفصل الله بين الآمر والمأمور يوم البعث والنشور.
وفيها توفي من الأعيان أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري قاضي مصر. حدث عن أبيه بكتبه المشهورة، وتوفي وهو قاض بالديار المصرية في ربيع الأول منها.
محمد بن أحمد بن القاسم أبو علي الروذباري وقيل اسمه أحمد بن محمد، ويقال الحسين بن الهمام، والصحيح الأول. أصله من بغداد وسكن مصر، وكان من أبناء الرؤساء والوزراء والكتبة، وصحب الجنيد وسمع الحديث وحفظ منه كثيرا، وتفقه بإبراهيم الحربي. وأخذ النحو عن ثعلب، وكان كثير الصدقة والبر للفقراء، وكان إذا أعطى الفقير شيئا جعله في كفه تحت يد الفقير، ثم يتناوله الفقير، يريد أن لا تكون يد الفقير تحت يده.
قال أبو نعيم: سئل أبو علي الروذباري عمن يسمع الملاهي ويقول إنه وصل إلى منزلة لا يؤثر فيه اختلاف الأحوال. فقال: نعم وصل، ولكن إلى سقر. وقال: الإشارة الإبانة، لما تضمنه.