الحديث، فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج. وقد ذكره ابن عدي في كامله فتكلم فيه، وقال: حدث بأشياء أنكرت عليه. وكان معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف، وقد انتدب ابن الجوزي للرد على ابن عدي في هذا الكلام، وذكر أنه توفي ليلة عيد الفطر منها، وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهورا، وهو مع ذلك صحيح السمع والبصر والأسنان، يطأ الإماء. توفي ببغداد ودفن بمقبرة باب التبن. رحمه الله وأكرم مثواه.
محمد بن أبي الحسين بن محمد بن عثمان الشهيد الحافظ أبو الفضل الهروي، يعرف بابن أبي سعد، قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن عبد الله الأنصاري. وحدث عنه ابن المظفر الحافظ، وكان من الثقات الاثبات الحفاظ المتقنين، له مناقشات على بضعة عشر حديثا من صحيح مسلم، قتلته القرامطة يوم التروية بمكة في هذه السنة في جملة من قتلوا، رحمه الله وأكرم مثواه.
الكعبي المتكلم هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي الكعبي المتكلم، نسبة إلى بني كعب، وهو أحد مشايخ المعتزلة، وتنسب إليه الطائفة الكعبية منهم. قال ابن خلكان: كان من كبار المتكلمين، وله اختيارات في علم الكلام. من ذلك أنه كان يزعم أن أفعال الله تقع بلا اختيار منه ولا مشيئة. قلت: وقد خالف الكعبي نص القرآن في غير ما موضع. قال تعالى (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [القصص: 68] وقال: (ولو شاء ربك ما فعلوه) (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) [الانعام: 112] (ولو أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها) الآية [السجدة: 13].
وغيرها مما هو معلوم بالضرورة وصريح العقل والنقل.
ثم دخلت سنة ثمان عشرة وثلاثمائة فيها عزل الخليفة المقتدر وزيره أبا علي بن مقلة، وكانت مدة وزارته سنتين وأربعة أشهر وثلاثة أيام، واستوزر مكانه سليمان بن الحسن بن مخلد، وجعل علي بن عيسى ناظرا معه. وفي جمادى الأولى منها أحرقت دار أبي علي بن مقلة، وكان قد أنفق عليها مائة ألف دينار، فانتهب الناس أخشابها وما وجدوا فيها من حديد ورصاص وغيره، وصادره الخليفة بمائتي ألف دينار. وفيها طرد الخليفة الرجالة الذين كانوا بدار الخلافة عن بغداد، وذلك أنه لما رد المقتدر إلى الخلافة شرعوا ينفسون بكلام كثير عليه، ويقولون: من أعان ظالما سلطه الله عليه. ومن أصعد الحمار على السطح