فقال له الوزير: إلى أين؟ قال: إلى المكان الذي بعثتني إليه. قال: سلم على والدي: فقال: لست أجتاز على النار.
ومحمد بن سليمان بن الحرب أبو بكر الباغندي الواسطي، كان من الحفاظ، وكان أبو داود يسأله عن الحديث، ومع هذا تكلموا فيه وضعفوه. محمد بن غالب بن حرب أبو جعفر الضبي المعروف بتنهام سمع سفيان وقبيصة والقعنبي، وكان من الثقات. قال الدارقطني: وربما أخطأ. توفي في رمضان عن تسعين سنة.
البحتري الشاعر صاحب الديوان المشهور، اسمه الوليد بن عبادة، ويقال ابن عبيد بن يحيى أبو عباد الطائي البحتري الشاعر، أصله من منبج وقدم بغداد ومدح المتوكل والرؤساء، وكان شعره في المدح خيرا منه في المراثي فقيل له في ذلك فقال: المديح للرجاء والمراثي للوفاء وبينهما بعد. وقد روى شعره المبرد وابن درستويه وابن المرزبان. وقيل له: إنهم يقولون إنك أشعر من أبي تمام. فقال: لولا أبو تمام ما أكلت الخبز، كان أبو تمام أستاذنا. وقد كان البحتري شاعرا مطيقا فصيحا بليغا رجع إلى بلده فمات بها في هذه السنة، وقيل في التي بعدها عن ثمانين سنة.
ثم دخلت سنة أربع وثمانين ومائتين في المحرم منا دخل رأس رافع بن هرثمة إلى بغداد فأمر الخليفة بنصبه في الجانب الشرقي إلى الظهر، ثم بالجانب الغربي إلى الليل (1). وفي ربيع الأول منها خلع على محمد بن يوسف بن يعقوب بالقضاء بمدينة أبي جعفر المنصور عوضا عن ابن أبي الشوارب بعد موته بخمسة أشهر وأيام، وقد كانت شاغرة تلك المدة. وفي ربيع الآخر منها ظهرت بمصر ظلمة شديدة وحمرة في الأفق حتى كان الرجل ينظر إلى وجه صاحبه فيراه أحمر اللون جدا. وكذلك الجدران، فمكثوا كذلك من العصر إلى الليل ثم خرجوا إلى الصحراء يدعون الله ويتضرعون حتى كشف عنهم. وفيها عزم المعتضد على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر فحذره ذلك وزيره عبد الله (2) بن وهب، وقال له: إن العامة تنكر قلوبهم ذلك وهم يترحمون عليه ويترضون عنه في أسواقهم وجوامعهم، فلم يلتفت إليه بل أمر بذلك وأمضاه وكتب به نسخا إلى الخطباء بلعن معاوية وذكر فيها ذمه وذم ابنه يزيد بن معاوية وجماعة من بني أمية (3)، وأورد فيها أحاديث باطلة في ذم معاوية وقرئت في الجانبين من بغداد، ونهيت العامة عن .