مات ملك الترك الأعظم واسمه إيلك الخان، وتولى مكانه أخوه طغان خان. وفيها هلك شمس المعالي قابوس بن وشمكير، أدخل بيتا باردا في الشتاء وليس عليه ثياب حتى مات كذلك، وولي الامر من بعده منوجهر، ولقب فلك المعالي، وخطب لمحمود بن سبكتكين، وقد كان شمس المعالي قابوس عالما فاضلا أديبا شاعرا، فمن شعره قوله:
قل للذي بصروف الدهر عيرنا * عل عاند الدهر إلا من له خطر أما ترى البحر يطوف فوقه جيف * ويستقر بأقصى قعره الدرر فإن تكن نشبت أيدي الخطوب بنا * ومسنا من توالي صرفها ضرر ففي السماء نجوم غير ذي عدد (1) * وليس يكسف الا الشمس والقمر ومن مستجاد شعره قوله:
خطرات ذكرك تستثير مودتي * فأحس منها في الفؤاد دبيبا لا عضو لي إلا وفيه صبابة * وكأن أعضائي خلقن قلوبا وفيها توفي من الأعيان..
أحمد بن علي أبو الحسن الليثي كان يكتب للقادر وهو بالبطيحة، ثم كتب له على ديوان الخراج والبريد، وكان يحفظ القرآن حفظا حسنا، مليح الصوت والتلاوة، حسن المجالسة، ظريف المعاني، كثير الضحك والمجانة، خرج في بعض الأيام هو والشريفان الرضي والمرتضى وجماعة من الأكابر لتلقي بعض الملوك، فخرج بعض اللصوص فجعلوا يرمونهم بالحراقات ويقولون: يا أزواج القحاب. فقال الليثي: ما خرج هؤلاء علينا إلا بعين، فقالوا: ومن أين علمت هذا؟ فقال: وإلا من أين علموا أنا أزواج قحاب.
الحسن بن حامد بن علي بن مروان الوراق الحنبلي، كان مدرس أصحاب أحمد وفقيههم في زمانه، وله المصنفات المشهورة، منها كتاب الجامع في اختلاف العلماء في أربعمائة جزء، وله في أصول الفقه والدين، وعليه اشتغل أبو يعلى بن الفراء، وكان معظما في النفوس، مقدما عند السلطان، وكان لا يأكل إلا من كسب يديه من النسج، وروى الحديث عن أبي بكر الشافعي، وابن مالك القطيعي، وغيرهما، وخرج في هذه السنة إلى الحج فلما عطش الناس في الطريق استند هو إلى حجر في الحر الشديد، فجاءه رجل